بل قال الصدوق (رحمهالله) في «إكمال الدين» : «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يكون بين أصحابه فيغمى عليه وهو ينصابّ عرقا فإذا أفاق قال : قال الله (عزوجل) كذا وكذا ونهيكم عن كذا».
وأكثر مخالفينا يقولون : إنّ ذلك كان يكون عند نزول جبرئيل (عليهالسلام) فسئل الصادق عليهالسلام عن الغشية التي كانت تأخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أكانت تكون عند هبوط جبرئيل عليهالسلام؟ فقال عليهالسلام : لا إنّ جبرئيل عليهالسلام كان إذا أتى النبيّ (ص) لم يدخل عليه حتى يستأذنه فإذا دخل قعد بين يديه قعدة العبد وإنّما ذلك عند مخاطبة الله عزوجل ايّاه بغير ترجمان وواسطة.
ثم قال (الصدوق) : حدّثنا بذلك الحسن بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد بن مالك ، عن محمد بن الحسين بن زيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت ، عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليهما (١).
ثم انه لا يخفى أنّ النفس الانسانية في بدو كينونتها وأصل خلقتها قابلة لانطباع الصورة الواقعة في عالم الحقائق والمعاني فيها وإنّما المانع لها من انكشاف الصور العمليّة واستنزال الحقائق الواقعية في الكسوة والمثالية واستكشاف الأمور الغيبيّة شيء من أمور وإن كان مرجع بعضها إلى نفي الاقتضاء :
أحدها تقمّص جوهرها وخمود فطنتها وجمود طبيعتها كحديد المرآة قبل أن يذوب ، ويشكّل ويصيقل ، وبل كتراب معدن الحديد الذي لم يستعدّ بعد لإفاضة الصور الحديدية عليه ، فضلا عن أن يستعدّ للذوب والتشكّل والصقالة.
__________________
(١) كمال الدين : ٥١ بحار الأنوار ج ١٨ ط. الاخوندي بطهران ص ٢٦٠.