من السامري موجود ، لا أن الإضلال متقدم بغيرها.
وجائز أن تكون فتنتهم هي أنهم ازدادوا بذكر هذا العدد كفرا إلى كفرهم ؛ لأنهم نظروا إليه بعين الاستخفاف والاستهزاء ، ولم ينظروا إليه بعين التبجيل والتعظيم ، فازدادوا بذلك كفرا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) :
الاستيقان والزيادة واحد ؛ لأن في الاستيقان زيادة إيمان ، وفي الزيادة استيقان ، فمعناه : ليستيقن الذين أوتوا الكتاب [و] الذين آمنوا.
ووجه استيقانهم : أنهم يجدون هذا العدد موافقا للعدد الذي في كتابهم ؛ فيحملهم ذلك على الاستيقان أنه من عند الله تعالى.
ويحتمل أنه يراد به أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا إذا وجدوا ذلك موافقا لما في كتبهم ؛ فيستيقنون : أنه إنما يخبر عن الله تعالى ، ويرتفع عنهم الارتياب ؛ ليكون أدعى لهم إلى الإيمان به ، إن أراد منهم الإيمان ، وأقرب إلى إلزام الحجة عليهم ، إن لم يرد منهم الإيمان ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) ، [أي :] تصديقا على ما سبق منهم من التصديق بالجملة ، وكذلك روي عن أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ في قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) [التوبة : ١٢٤] ، وفي كل موضع ذكر فيه الزيادة في الإيمان : أن معنى الزيادة فيه : أنهم زادوا بالتفسير تصديقا على تصديقهم بالجملة ؛ لأنهم إذا وحدوا الله تعالى ، وآمنوا به ، فقد أقروا بأن له الخلق والأمر كله ، وفي الإقرار بأن له الخلق إيمان بالرسل وتصديق منه إياهم بجميع ما أنزل عليهم من الكتب عن الله تعالى ؛ فصار بإيمانه معتقدا للتصديق بكل رسول على الإشارة إليه ، فإذا آمن بالرسول والكتاب المنزل إليه ، فقد أتى بزيادة تصديق على ما وجد منه من التصديق بالجملة.
وجائز أن تكون الزيادة منصرفة إلى الثبات والاستقامة ؛ لأن الإيمان له حكم التجدد في كل وقت ؛ إذ المؤمن في كل وقت مأمور باجتناب الكفر ، وإذا اجتنب الكفر ، فقد أتى بضده ، وهو الإيمان ؛ فثبت أن الإيمان له حكم التجدد في كل وقت ، وإذا كان كذلك ، استقام صرف الزيادة إلى الثبات والقرار عليه ، فإن (١) شئت فسم الدوام على الإيمان : زيادة ، وإن شئت فسمه : إيمانا ، وإن شئت فسمه : ثباتا ، وفي الكتاب ما يطلق (٢) جواز
__________________
(١) في ب : بأن.
(٢) في ب : نطق.