سورة التغابن مدنية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٤)
قوله ـ عزوجل ـ : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) الآية.
والتسبيح يحتمل أوجها ثلاثة ، وقد سبق ذكره.
وقوله : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) يحتمل وجهين :
أحدهما : يحتمل الملك : الولاية والسلطان.
والثاني : يقول : (لَهُ الْمُلْكُ) يعني : ملك كل الملوك ، كما قال في آيات أخرى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ..). الآية [آل عمران : ٢٦] ، فأخبر أن ملك الملوك كلها له ، وأن من استفاد الملك إنما يستفيده بالله تعالى ، وبامتنانه عليه ، والله أعلم.
وقوله : (وَلَهُ الْحَمْدُ).
يحتمل أوجها ثلاثة من التأويل :
أحدها : أن يقول : (وَلَهُ الْحَمْدُ) يعني : له الثناء الحسن بصفاته العلى وأسمائه الحسنى.
والوجه الثاني : أن يقول : (وَلَهُ الْحَمْدُ) يعني : حمد كل من يحمد ، فحقيقة ذلك الحمد له بما أحسن إلى عباده وأنعم عليهم ، وذلك معنى قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] أي : الحمد والثناء الحسن لله تعالى على إحسانه إلينا وإنعامه علينا.
والثالث : أن يجعل معنى الحمد معنى الشكر ؛ لأن الحمد قد يستعمل في موضع الشكر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
يحتمل أن يكون معناه : وهو على كل شيء أراده قدير ، وهو [حجة](١) على المعتزلة ؛ لأن الله ـ تعالى ـ لا يزال يمدح نفسه بأنه بصير عليم وأنه على كل شيء قدير ، وأقرت المعتزلة بأنه بصير عليم ، وأبت عن الإقرار بأنه قدير على أفعال (٢) العباد ، أو على إصلاح
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : فعل.