وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) ، قيل (١) : الساهرة : هي وجه الأرض.
وجائز أن يكون أريد بهذا أن العيون تسهر في ذلك اليوم ، ولا يعتريها النوم ؛ بل تكون مهطعة إلى الداعي ذليلة.
قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٣٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) : منهم من يقول : قد أتاك فخوفهم به.
وقال الحسن : لم يكن أتاه ، فأتاه بهذا ؛ كما يقول الرجل لآخر : هل أتاك ما فعل فلان؟ وهو يريد أن يذكره بهذا فيعلمه مع علمه أنه لم يكن علمه من قبل.
وقد ذكرنا ما في ذكر الأنباء من الفوائد من تثبيت الرسالة والتخويف لمن أساء صحبة الرسل ـ عليهمالسلام ـ لئلا ينزل بهم ما نزل بفرعون وأتباعه حين أساءوا صحبة الرسول موسى ، عليهالسلام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) قيل (٢) : طوى : اسم ذلك الوادي.
وقيل (٣) : سمي : طوى ؛ لأنه بورك مرتين ، مرة حين أتاه إبراهيم عليهالسلام ، ومرة بإتيان موسى عليهالسلام.
وذكر عن الزجاج أن (طُوىً) بكسر الطاء الذي بورك مرتين ، ثم أضاف ذلك الحديث مرة إلى موسى ومرة إلى نفسه إذ ناداه ؛ فظاهره : أن الله ـ تعالى ـ هو الذي كلمه ، فأضيف إلى الله تعالى ؛ لأن أصله من الله ـ تعالى ـ كما ذكرنا في قوله ـ تعالى ـ : (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) [التوبة : ٦] ، وفي قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [الحاقة : ٤٠].
وقوله ـ عزوجل ـ : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) أي : عتا وطغى في نعمه ، فاستعملها في كفران نعمه ؛ فلم يشكر الله ـ تعالى ـ بها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) ، أي : هل لك في إجابة من إذا أجبت
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٣٦٢٣٣) ، وهو قول عكرمة والحسن ومجاهد وغيرهم.
(٢) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير عنه (٣٦٢٤٩) وهو قول قتادة ، وابن زيد.
(٣) قاله قتادة أخرجه ابن جرير عنه (٣٦٢٥١).