سورة الهمزة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ)(٩)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) ، اختلفوا في معنى الهمزة واللمزة : فقال بعضهم : معناهما واحد ، وهو الدفع والطعن.
وقال بعضهم : الهمزة : هو الذي يؤذي جليسه بلسانه ، واللمزة : الذي يؤذي بعينيه (١) وغير ذلك.
وقال بعضهم (٢) : الهمزة : الذي يطعنه عند حضرته ، واللمزة : الذي يطعنه عند غيبته ، وهذا إنما يسمى (٣) به من يعتاد ذلك الفعل.
وأهل اللغة وضعوا هذا المثال ، وهو «فعل» لمن يعتاد ذلك الفعل ويحترفه.
قال أهل التأويل : إن الآية في الكفار ؛ لكن بعضهم قالوا (٤) : نزلت في الأخنس بن شريق.
وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة.
ولقائل أن يقول : إن الآية نزلت في الكفار ، وكذلك كثير من الآي من [نحو](٥) قوله ـ تعالى ـ : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] ونحوها ، ومعلوم أنه وجد منهم هذا الفعل أو عدم ، استوجبوا ما ذكر من العقوبات وأشد ، مع أن الذي فيه من الكفر أقبح من هذين الفعلين ، فكيف وقع تعييرهم بذلك؟!.
والجواب عن هذا وأمثاله من نحو قوله ـ تعالى ـ : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] ، وقوله : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) [المدثر : ٤٣ ـ ٤٦] ، فهم وإن أقاموا الصلاة ، وأعطوا الزكاة ، لم تزل عنهم عقوبة النار.
والجواب عنه : أن الإيمان لم يحسن لاسمه ، ولا قبح الكفر لنفس اسم الكفر ؛ لأنه ليس أحد (٦) ممن يذهب مذهبا ويدين دينا إلا وهو يكفر بشيء ويؤمن بشيء ؛ لأن المسلم
__________________
(١) في أ : بعينه.
(٢) قاله أبو العالية بنحوه أخرجه ابن جرير (٣٧٩٢٩) ، وعبد بن حميد عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٦٧٠).
(٣) في ب : سمى.
(٤) قاله السدي أخرجه ابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٦٦٩).
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : لأحد.