والاستحالة.
ويشهد على أن سوء الاختيار لا يكون مصححا لطلب الضدين أن المولى إذا أمر بالضدين وعلّقه على فعل العبد الاختياري مثل ان يقول له : (إذا دخلت في المسجد فازل النجاسة وصلّ في آن واحد) (وإذا لم تدخله فلا تكليف عليك) والحال انّه لا شك ولا ريب في قبح هذا ، بل في استحالته. والتعليق على الأمر الاختياري لم يرفع قبحه ولا استحالته.
فخلاصة الكلام : ان هذا النحو من الترتب الذي يتصور في المقام من أن الأمر الأهم المطلق ثابت في جميع الأحوال ، وأن الأمر المهم يكون مشروطا بعصيان الأمر الأهم ، أو مشروطا بارادة عصيانه ، كما سبق هذا ، فيلزم فيه طلب الضدين في آن واحد وهو محال ، فلا ينفع الترتب المذكور في رفع طلب الضدين في آن واحد وزمان فارد بل يبقى معه مناط استحالة طلبهما كما لا يخفى.
فسوء الاختيار والفعل الاختياري سيان ، أي مثلان ، في عدم رفعهما استحالته ولو على نحو الترتب ، كما هو ظاهر.
قوله : ان قلت فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك ...
اعترض القائل بالترتب على منكر الترتب (وهو المصنف ومن تبعه) بان الفرق موجود بين اجتماع الأمرين بضدين في عرض واحد ، مثل أن يقول المولى : (انقذ الغريق وصلّ) ، وبين اجتماعهما بهما على نحو الترتّب المذكور سابقا نحو أن يقول المولى : (ازل النجاسة فإن عصيت أمر الازالة فصلّ) إذ في الأول يكون للمولى طلبان في عرض واحد :
أحدهما : طلب الأهم وهو الانقاذ.
وثانيهما : طلب المهم وهو الصلاة.
والحال كل واحد من الطلبين والأمرين يطارد الآخر ويمانعه كمال الممانعة ، فاذا كانا كذلك فهما لا يجتمعان ، إذ طلب الضدين عرضي لا طولي.