على المسبب انما تكون بالقدرة على السبب ، مثلا : اذا أوجب المولى على المكلف عتق العبد فهو مقدور بواسطة كون سببه مقدورا ، وهو انشاء العقد واجرائه. فلو فرض عدم سببيته لما كان العتق مقدورا ، كما في المقام ، اي لا بد ان يكون السبب والتسبيب صحيحين لاعتبار القدرة في متعلق النهي كاعتبارها في متعلق الأمر ، كما مرّ في بحث الاوامر مفصلا.
واما اذا كان النهي عن السبب وعن الفعل المباشري كالنهي عن البيع وقت النداء مثلا ، فلا يدل هذا النهي على صحة المعاملة لكون البيع ، وهو مبادلة مال بمال ، مقدورا للمكلف سواء كان صحيحا أم كان فاسدا غير مؤثر للأثر. نعم ، قد عرفت سابقا ان هذا النهي لا ينافي صحة المعاملة ، لانه لا يدل على الفساد ، هذا تمام الكلام في المعاملات.
البحث في العبادات
لما فرغ المصنف قدسسره من بحث المعاملات شرع في بحث العبادات وقال : ان العبادات على قسمين :
الاول : ما يكون عباديتها ذاتية مع قطع النظر عن الأمر بها ، نحو الركوع والسجود والخضوع والخشوع له ، تبارك وتعالى ، فمع النهي عن هذه العبادة الذاتية تكون مقدورة ، كما اذا كانت مأمورا بها فهي مقدورة للمكلف ، اذ عباديتها لما كانت ذاتية لم تتوقف صحتها على الأمر بها حتى يمتنع النهي عنها ، كما سبق هذا. فلا تتخلف عباديتها مع النهي ، بل تتخلف مقربيتها مع النهي ، فهو يدل على الصحة كالنهي عن المسبب والتسبب في المعاملات.
فالمكلف قادر على ايجاد السجود وعلى عدم ايجاده ، فلو أتى بالسجود المنهي عنه لكان عبادة ، اذ لا تتوقف صحته على الأمر به كي لا يمكن ايجاده مع النهي عنه.