وأما في الاجتماع على نحو الترتب فلا يكون للمولى إلا ارادة واحدة وطلب فارد يتعلق بالأهم الذي هو الانقاذ.
واما ارادته ، بالاضافة إلى المهم الذي هو الصلاة على الفرض ، فمشروطة بشرط عدم الانقاذ ، وبشرط عدم تحقّقه في الخارج ، فاذا انقذ العبد الغريق فلا يكون للمولى إلا طلبه فقط ، واما إذا لم ينقذه فحينئذ يطلب منه فعل الصلاة مثلا.
فبالنتيجة لا يكون للمولى طلب الضدين في عرض واحد في زمان فارد ، بل له طلبهما على نحو الطلب الطولي لا العرضي ، فلا يكون تمانع الارادتين موجودا على هذا الفرض.
قوله : ليت شعري كيف لا يطارد الأمر بغير الأهم ...
واجاب المصنف عنه : بانه ليتني اعلم كيف لا يتمانع أمر الصلاة وامر الانقاذ مع ان موجب التمانع من تعلق أمر الصلاة بضد الانقاذ موجود في المقام ، فاذا تعلقت ارادة المولى بالصلاة التي هي ضد الانقاذ فلا محالة يكون أمره هذا متمانعا مع أمره بالانقاذ ، لأن الصلاة والانقاذ ضدان ، وكل ضدين متمانعان.
ومن الواضح ان حال ايجاد الصلاة لم يسقط أمر الانقاذ ، إذ لم يتحقق عصيان أمره ، ومجرد ارادة العصيان لا يسقط الأمر الأهم ، ففي حال ارادة عصيان الأمر الأهم قصد فعل المهم يكون للمولى أمران ، الأمر بالأهم فعلا لأنه مطلوبه الأولي ، والأمر بالمهم فعلا لتحقق شرطه وهو عصيان الأمر الأهم ، والحال انهما متمانعان مطاردان ، فيكون صدورهما محالا في آن واحد من المولى.
ولو تنزّلنا عن ان الأمر بالمهم لا يطارد الأمر بالأهم فيكفي مطاردة وممانعة الأمر الأهم للأمر بالمهم ، فالمولى أراد الأهم فعلا وهو مانع عقلا عن ارادة ضدّه ، ولا يلزم ان يكون الأمر بالمهم مانعا عن الأمر بالأهم ، فمن اجل ارادة الأهم ومن اجل ابقاء أمره لا مجال للأمر بالمهم. مع ان المطاردة تكون من الطرفين ، طرف الأهم وطرف المهم ، وهو ظاهر كما لا يخفى.