عدم الأمر بضده ، كالصلاة ـ إذ الأمر به ـ يستلزم التكليف بالمحال لامتناع الاجتماع عقلا بين الضدين في زمان واحد ، كالأمر بالازالة والصلاة معا ، فيبطل الضد العبادي إذ صحته متوقفة على تعلق الطلب والأمر به.
فأجاب عنه المصنف قدسسره بقوله : (وفيه : انه يكفي مجرد الرجحان والمحبوبية للمولى) ، أي لا يلزم وجود الأمر في صحة قصد التقرب بالعبادات ، بل يكفي مجرد الرجحان والمحبوبية للمولى في صحة قصد التقرب بها ، فانه يصح من المكلّف ان يتقرّب إلى المولى بالضد العبادي ، إذ المزاحمة ، أي مزاحمة الصلاة والازالة انما ترفع الأمر المولوي بالضد العبادي ، ولا ترتفع محبوبيته ورجحان ذاتيته ، بل يبقى على ملاكه الواقعي لعدم التضاد بين ملاكي الوجوب في الصلاة والازالة ، لأنه يمكن أن يكون وجوب الصلاة ذا مصلحة ووجوب الازالة ذا مصلحة كما هو مذهب العدلية من تبعية الأحكام للمصالح الواقعية والمفاسد الواقعية ، أو يكون ملاكهما غيرهما كما يقول به الأشاعرة منكرين الحسن العقلي والقبح العقلي ، فملاك الأحكام عندهم منوط بأمر الشارع المقدّس ونهيه ، لأن الحسن عندهم ما حسّنه الشارع ، والقبيح ما قبّحه الشارع المقدّس.
فالمعروف من مذهب الأشاعرة ان الأفعال كلها على السواء ، ولا فرق بين الصدق والكذب ولا بين العدل والظلم عند العقل ، وانّما الفارق أمر الشارع ونهيه ، فالضد العبادي ذو مصلحة وذو رجحان وان لم يتعلق به الأمر فعلا من أجل المزاحمة مع الواجب الأهم كالازالة.
فخلاصة الكلام : انه إذا قلنا ان الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص ، فالصلاة تكون منهيا عنها ، ولا يمكن شرعا قصد التقرب بفعلها ، إذ هي مبغوضة عند المولى والمبغوض لا يكون مقربا ، بل مبعدا ، وتقع باطلة ، إذ النهي في العبادات يقتضي فساد المنهي عنه.
اما إذا قلنا ان الأمر بالشيء يقتضي عدم الأمر بضده ، إذ الضد الذي هو الصلاة