بفاحشة مبيّنة ، فإن هنّ فعلن ذلك فقد أحلّ الله لكم أن تضربوهنّ ضربا غير مبرّح ـ يعني : غير شائن ـ وإنّ من حقّهنّ عليكم الكسوة والنّفقة بالمعروف» (١).
وقيل : إن رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما ذا يحل لنا من نسائنا؟ وما يحرم علينا منهن؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حرثك ، فأته أنّى شئت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبّحه (٢) ، ولا تهجرها إلّا فى بيتها ، وأطعمها إذا أكلت ، واكسها إذا اكتسيت» (٣).
وقيل : الميثاق الغليظ : ما أقروا به من قول الله : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [البقرة : ٢٣١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) حرم ـ الله تعالى ـ على الأبناء نكاح نساء الآباء ، وذلك أنهم كانوا يعملون في الجاهلية ما قيل في القصة : أن أبا قيس توفي فعمد ابنه ـ يقال له : محصن (٤) ـ فتزوج امرأة أبيه ، فنهي الله ـ تعالى ـ عن ذلك ، فقال ـ عزوجل ـ : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٥).
وقيل : إن رجلا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج سالّا سيفه ؛ فقيل له : ما شأنك؟ فقال : إن رجلا تزوج بامرأة أبيه (٦) ، فهذا إذا تزوجها مستحلّا لها ، فهو يكفر لذلك : كأن قصد قتله ؛ وكذلك حرم الله ـ سبحانه وتعالى ـ على الآباء نكاح نساء الأبناء بقوله ـ تعالى ـ : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً)(٧) : أي : إنكم إذا انتهيتم عن ذلك في الائتناف يغفر لكم ما قد سلف ، وإن كان فاحشة
__________________
(١) تقدم قريبا.
(٢) في ب : تقبح.
(٣) أخرجه أحمد (٥ / ٣ ، ٥) ، والطبراني في الكبير (١٩ / ٤١٥) عن معاوية بن حيدة.
(٤) محصن بن أبي قيس بن الأسلت الأنصاري ، ذكره الطبري ، وابن سعد في الطبقات ، وروى عنه محمد بن كعب القرظي.
تنظر ترجمته في : الإصابة ترجمة (٧٧٦٥).
(٥) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٣٧) (٨٩٤٠) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣٩).
(٦) أخرجه الترمذي (٣ / ٣٥) كتاب الأحكام «باب فيمن تزوج امرأة أبيه» ، رقم (١٣٦٢) ، وقال : حسن غريب. وأحمد ٤ / ٢٩٠ ، ٢٩٢ ، ٢٩٥ ، ٢٩٧ ، وابن أبي شيبة (١٠ / ١٠٤) ، وأبو داود (٢٠ / ٥٦٢) في الحدود : باب في الرجل يزنى بحريمه (٤٤٥٧) ، وابن ماجة في سننه (٤ / ٢٠٤) في الحدود : باب من تزوج امرأة أبيه من بعده (٢٦٠٧) ، والبيهقي في سننه (٧ / ١٦٢).
(٧) قال القرطبي (٥ / ٦٩) : المراد بالآية النهي عن أن يطأ الرجل امرأة وطئها الآباء ، إلا ما قد سلف من الآباء في الجاهلية من الزنى بالنساء لا على وجه المناكحة ؛ فإنه جائز ، لكن زواجهن. وأن تطئوا بعقد النكاح ما وطئه آباؤكم من الزنى ، قاله ابن زيد ، وعليه فيكون الاستثناء متصلا ، ويكون أصلا في أن الزنى لا يحرم على ما يأتي بيانه.