الصَّلاةَ) يقول : يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ويؤمنون بإقامة الصلاة ؛ كما قال ـ عزوجل ـ في سورة البقرة (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) [البقرة : ١٧٧] معناه : ولكن البر الإيمان بالله.
وقال بعضهم : قوله ـ تعالى ـ : (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) يعنى : الرسل.
__________________
ـ ويأوي إلى نسوة عطل |
|
وشعثا مراضيع مثل السعالى |
فنصب «شعثا» وهو معطوف.
الثاني : أن يكون معطوفا على الضمير في : «منهم» ، أي : لكن الراسخون في العلم منهم ، ومن المقيمين الصلاة.
الثالث : أن يكون معطوفا على الكاف في : «إليك» ، أي : يؤمنون بما أنزل إليك ، وإلى المقيمين الصلاة ، وهم الأنبياء.
الرابع : أن يكون معطوفا على «ما» في : «بما أنزل» ، أي : يؤمنون بما أنزل إلى محمد صلىاللهعليهوسلم وبالمقيمين ، ويعزى هذا للكسائي ، واختلفت عبارة هؤلاء في «المقيمين» ، فقيل : هم الملائكة ، قال مكي : ويؤمنون بالملائكة الذين صفتهم إقامة الصلاة ؛ كقوله : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ)[الأنبياء : ٢٠] ، وقيل : هم الأنبياء ، وقيل : هم المسلمون ، ويكون على حذف مضاف ، أي : وبدين المقيمين.
الخامس : أن يكون معطوفا على الكاف في : «قبلك» أي : ومن قبل المقيمين ، ويعنى بهم الأنبياء أيضا.
السادس : أن يكون معطوفا على نفس الظرف ، ويكون على حذف مضاف ، أي : ومن قبل المقيمين ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، فهذا نهاية القول في تخريج هذه القراءة.
وقد زعم قوم أنها لحن ، ونقلوا عن عائشة وأبان بن عثمان ـ أنها خطأ ؛ من جهة غلط كاتب المصحف.
قالوا : وحكي عن عائشة وأبان بن عثمان ـ أنه من غلط الكاتب ، وهذا يعني أن يكتب : «والمقيمون الصلاة» ، وكذلك في سورة «المائدة» : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ)[المائدة : ٦٩] وقوله : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)[طه : ٦٣] ، قالوا : هذا خطأ من الكاتب.
وقال عثمان : «إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها» ؛ فقيل له : ألا تغيره ، فقال : دعوه ؛ فإنه لا يحلّ حراما ، ولا يحرّم حلالا.
وقالوا : وأيضا فهي في مصحف ابن مسعود بالواو فقط : نقله الفراء ، وفي مصحف أبي كذلك ، وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي ، وهذا لا يصح عن عائشة ولا عن أبان ، وما أحسن قول الزمخشري ـ رحمهالله ـ : «ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف ، وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ، ومن لم يعرف مذاهب العرب ، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ، وغبى عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ، كانوا أبعد همة في الغيرة عن الإسلام وذبّ المطاعن عنه ـ من أن يقولوا ثلمة في كتاب الله ؛ ليسدها من بعدهم ، وخرقا يرفوه من يلحق بهم».
ينظر : المحرر الوجيز (٢ / ١٣٥) ، والبحر المحيط (٣ / ٤١١) ، والدر المصون (٢ / ٤٦١) ، المشكل (١ / ٢١٢) ، الكتاب (١ / ٢٤٨ ، ٢٤٩) ، الإملاء (١ / ٢٠٢).