(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] ، وقوله : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ ...) الآية [الحجرات : ١٧] ، وقوله ـ تعالى ـ : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة : ٢٥٧] ، وقوله : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ...) الآية [الحجرات : ٧] ، وغير ذلك ؛ فيضاف إليه بما منه في ذلك من الفضل والنعمة ؛ شكرا ، والثاني في زله وضلاله لا تجوز الإضافة إليه لما شبه الاعتذار ، ولا عذر لأحد في ذلك ، ويقبح في الإضافة ، وذلك نحو القول بأنه : رب (١) السموات والأرض ، ولا يقال : هو رب الخنازير والأقذار ، ونحو ذلك ؛ لما يقبح في السمع ، وإن كان من حيث الخلق والتقدير واحدا ، فمثله أمر الأفعال ، والله الموفق.
ونفي الإضافة عنه لا يدل على نفي أن يكون خلقه ؛ لما بينا من الأشياء ؛ الإضافة إليه كالتخصيص ، فلا يقال (٢) : يا خالق القردة (٣) والخنازير ، ويا إله الأقذار والخبائث ، ويا رب الشرور والمصائب ، وإن كان كل ذلك داخلا في أسماء الجملة ، ومحقق (٤) منه تقديرها وخلقها ، وكذلك الفواحش والكبائر ، والله أعلم.
والثاني : الخيرات والأعمال الزاكية قد تضاف إليه ، لا من وجه التخليق عند الجميع ، بل عندنا : من جهة الإفضال بالتوفيق والإنشاء ، وعند المعتزلة : من جهة الأمر والترغيب ؛ فعلى ذلك نفي الإضافة فيما لم يضف إليه لهذا ، وأيدت هذا قراءة عبد الله [بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ :](٥) «وأنا قدرتها عليك».
فإن قال قائل : ذلك لا يقع على الأفعال ؛ لقوله : (ما أَصابَكَ) ، ولو كان عليها كان يقول : ما أصبت ، ثم كان له جوابان :
أحدهما : أن الإجابة اسم مشترك ، ما يصيبه هو يصيب ذلك ، فسواء لو أضيف إليه أو أضيف هو إليه ، والله أعلم.
والثاني : أن ذلك يخرج [مخرج] الجزاء أيضا إذا كان على ما يقوله (٦) ؛ فيكون على ما يصيبه من جزاء حسنة أو سيئة ، وإذ لم يجعل لله في حسنه فضلا لم يحتمل الإضافة إليه مع ما قد بينا من إضافات أعمال الخير إليه ، ودفع الشر لما ليس في فعله من الله إفضال عليه به
__________________
(١) في ب : رفع.
(٢) في الأصول : فيقال.
(٣) في ب : القرود.
(٤) في أ : ومحق.
(٥) سقط من ب.
(٦) في أ : يقول.