يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يهجرها في حال مضاجعته إياها في ألا يكلمها ، لا أن يترك مضاجعتها ؛ إذ المضاجعة حق بينهما [عليه](١) في تركها ما عليها ، لا يؤذيها بما يضر حقه ونفسه ، والله أعلم.
ويحتمل قوله : أي اهجروهن عن المضاجع ومضاجعة أخرى في حقها ؛ فيكون حقّها (٢) عليه في حال الموافقة وحفظ حدود الله بينهما ، لا في حال التضييع ، والله أعلم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : يهجرها في ألا يجامعها ، ولا يضاجعها على فراشه ، ويوليها الظهر (٣) ، لكنه على هذا يشتركان في التأديب ؛ لأنه [به](٤) يؤدب نفسه في ذلك إلى حاجته ، لكن المعنى من ذلك ألا يجامعها لوقت علمه بشهوتها وحاجتها ، وإنما ينظر شهوته (٥) دونها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)
إن أطعنكم ، أي : لا تطلبوا عليهن عللا.
وقيل : لا تكلفوهن الحبّ ، وإنما جعل الله الموعظة والهجران والضرر في المضاجع (٦).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : فإن أطاعته فلا سبيل له عليها (٧).
ثم الضرب هو ما ذكرنا أنه يضربها ضربا غير مبرح ، وهو ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «علّق سوطك ـ أو ضع حيث يراه أهلك ، ولا تضربها به» (٨) ، قيل : وبم نضرب؟ قال : بنعليك ضربا غير مبرح ، يعني : غير مؤثر ولا شائن.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في أ : حقّا.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣) (٩٣٤٨ ، ٩٣٥٢). وذكره السيوطي في الدر وزاد نسبته لابن المنذر عن أبو موسى.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : وشهوته.
(٦) أخرجه ابن جرير (٨ / ٣٠٦) (٩٣٧١) عن سفيان.
وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٧٧) وزاد نسبته لعبد الرزاق عن سفيان وعبد بن حميد عن ابن عباس.
(٧) أخرجه ابن جرير (٨ / ٣١١) (٩٣٧٦) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٧٧) وزاد نسبته لابن أبي شيبة عن ابن عباس.
(٨) أخرجه الطبراني في الكبير (١٠ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥) (١٠٦٦٩ ـ ١٠٦٧٢) ، وعبد الرزاق (٩ / ٤٤٧) (١٧٩٦٣) ، (١١ / ١٣٣) (٢٠١٢٣) عن ابن عباس.