وروي في الخبر عن (١) رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تضربوا إماء الله» (٢) ؛ فترك الناس ضربهن ، فجاء عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال : والله لقد دبر النساء يا رسول الله ؛ [فأمر بضربهن ، قال : فأطاف بآل محمد النساء كثيرا يشتكين أزواجهن ، فلما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :](٣) «لقد أطاف اللّيلة بآل محمّد سبعون امرأة يشتكين الضّرب ، والله ما تجدون أولئك خياركم» (٤) ، وقال : «خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلى» (٥) وقال : «أحسن المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله» (٦).
قال : والموعظة كلام يلين القلوب القاسية ، ويرغب الطبائع النافرة ؛ فيكون ذلك تذكير عواقب الأمور ومبادئ الأحوال ، والله أعلم.
وعلى ذلك يعظها زوجها بأن يذكرها نعم الربّ ـ جل جلاله ـ وما جعل من الحق عليها ، وما وعد في ذلك وأوعد.
__________________
(١) في أ : عند.
(٢) أخرجه أبو داود (١ / ٦٥٢) في كتاب النكاح باب في ضرب النساء (٢١٤٦) والدارمي في سننه (٢ / ١٤٧) كتاب النكاح : باب في النهي عن ضرب النساء.
والبيهقي في السنن (٧ / ٣٠٤ ، ٣٠٥) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ١٨٨ / ١٩١) ، وصححه ، والطبراني في الكبير (١ / ٢٤٤ ، ٢٤٥).
قال القرطبي (٥ / ١١٤) : وإذا ثبت هذا فاعلم أن الله ـ عزوجل ـ لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود العظام ؛ فساوى معصيتهن بأزواجهن بمعصية الكبائر ، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة ، وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات ائتمانا من الله ـ تعالى ـ للأزواج على النساء. قال ابن المهلب : إنما جوز ضرب النساء من أجل امتناعهن على أزواجهن في المباضعة ، واختلف في وجوب ضربها في الخدمة ، والقياس يوجب أنه إذا جاز ضربها في المباضعة جاز ضربها في الخدمة الواجبة للزوج عليها بالمعروف.
وقال ابن خويزمنداد : والنشوز يسقط النفقة ، وجميع الحقوق الزوجية ، ويجوز معه أن يضربها الزوج ضرب الأدب غير المبرح ، والوعظ والهجر حتى ترجع عن نشوزها ، فإذا رجعت عادت حقوقها ؛ وكذلك كل ما اقتضى الأدب فجائز للزوج تأديبها. ويختلف الحال في أدب الرفيعة والدنيئة ؛ فأدب الرفيعة العذل ، وأدب الدنيئة السوط. وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «رحم الله امرأ علق سوطه وأدب أهله» وقال : «إن أبا جهم لا يضع عصاه عن عاتقه».
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٤) تقدم.
(٥) أخرجه الترمذي (٥ / ١٨٨) كتاب المناقب ، باب في فضل أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم (٣٨٩٥) وقال : حديث حسن صحيح ، والدارمي في سننه (٢ / ١٥٩) كتاب النكاح : باب في حسن معاشرة النساء ، وابن حبان في صحيحه (٩ / ٤٨٤) (٤١٧٧) كتاب النكاح ، باب معاشرة الزوجين.
(٦) لم أجده بهذا اللفظ ، ولكن أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ : «خياركم أحاسنكم أخلاقا» (٦ / ٦٥٤) ، كتاب المناقب ، باب صفة النبي صلىاللهعليهوسلم (٣٥٥٩) ، وأطرافه في (٣٧٥٩ ـ ٦٠٢٩ ـ ٦٠٣٥) ، ومسلم (٤ / ١٨١٠) كتاب الفضائل ، باب كثرة حيائه صلىاللهعليهوسلم ، رقم (٦٨ ـ ٢٣٢١).