أحدها : حق اللغة أنه اسم التفاعل ، وهو اسم لفعلهما ؛ فيستحقان ذلك في وقت كونهما فيه : كالتضارب ، والتقاتل ، ونحو ذلك ، وبعد الفراغ التسمية تكون بحق الحكاية دون تحقيق الفعل.
والثاني : بما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا من بيعهما ، وبيعهما معروف» (١) ، والله أعلم.
والثالث : متفق القول من أهل العقل على رؤية وجوب البيع دون التفرق عن المكان ، والله أعلم.
والرابع : أن يجعل ذلك الحد لإصلاح البياعات أنهما ما لم يتفرقا يملكان الاصطلاح ، وإذا تفرقا لا ، وهو أولى ؛ إذ قد جعل التفرق التام شرطا للفساد ومنع الإصلاح ، وقد كان في بعض العقود مما يصلح بالقبض ؛ فهو على الوجود قبل التفرق ، ثم لا يصلح إذا وجد التفرق ؛ فمثله مما كان الصلاح بالقول في الإصلاح ؛ وعلى ذلك إذا قال أحد للآخر : اختر ـ انقطع خياره لو كان تفرقا من القول ، وليس فيه زيادة على ما في قوله : بعت منك ، في حق الإصلاح ؛ فثبت أن التفرق لقطع الإصلاح ، لا للإصلاح ـ والله أعلم ـ
قوله : إن للناس عرفا في التبايع من وجهين :
أحدهما : في التعاقد.
والثاني : في التقابض ؛ فيكون المعنى من الخبر فيما البيع عن تقابض ، وهو بيع المداومة إذا ترك كل واحد منهما الآخر يفارقه على ما سلم وقبض كان ذلك بينهما ، وجاز ذلك ـ أيضا ـ بحق الآية في الإباحة عن تراض ، واسم التجارة قد يقع على تبادل ليس فيه قول البيع ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) [البقرة : ١٦] وقوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) [التوبة : ١١١] وذلك مع قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البقرة : ١٦] وفي ذلك أن البيع الموقوف إذا أجيز يباح الأكل ؛ لما كان وقت الأكل قد وجدت التجارة عن تراض ، وفي ذلك دليل وجوب خيار الرؤية ؛ إذ قد جعل الرضا سببا ، وهو بما يجهل غير محق ، وإنما يعلم بالرؤية.
وفيه أنه بالقبض يمضى حق العقد ؛ إذ التجارة للأكل ، ولا يوصل إليه إلا بالقبض ، فإذا فات ، فات ما له التجارة ؛ فيبطل ، والله أعلم.
وفي قوله ـ أيضا ـ : «تبايعا» وإن كان اسما لفعل اثنين ، فلما يتصل صحة كلام كل
__________________
(١) تقدم.