هوازن. وقال قتادة : هوازن وغطفان يوم حنين. وقال الزهري ومقاتل : هم بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة. وحكى هذا القول الواحدي عن أكثر المفسرين. (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي : يكون أحد الأمرين : إما المقاتلة ، أو الإسلام ، لا ثالث لهما ، وهذا حكم الكفار الّذين لا تؤخذ منهم الجزية. قال الزجّاج : التقدير : أو هم يسلمون ، وفي قراءة أبيّ أو يسلموا أي : حتى يسلموا (فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) وهو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) أي : تعرضوا (كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) وذلك عام الحديبية (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) بالقتل والأسر والقهر في الدنيا وبعذاب النار في الآخرة لتضاعف جرمكم. (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) أي : ليس على هؤلاء المعذورين بهذه الأعذار حرج في التخلف عن الغزو لعدم استطاعتهم. قال مقاتل : عذر الله أهل الزمانة الذين تخلّفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية ، والحرج : الإثم (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما أمراه به ونهياه عنه (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) قرأ الجمهور : (يُدْخِلْهُ) بالتحتية ، واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد ، وقرأ نافع وابن عامر بالنون. (وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) أي : ومن يعرض عن الطاعة يعذّبه الله عذابا شديد الألم. ثم ذكر سبحانه الذين أخلصوا نياتهم وشهدوا بيعة الرضوان ، فقال : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) أي : رضي الله عنهم وقت تلك البيعة ، وهي بيعة الرضوان ، وكانت بالحديبية ، والعامل في «تحت» إما يبايعونك ، أو محذوف على أنه حال من المفعول ، وهذه الشجرة المذكورة هي شجرة كانت بالحديبية ، وقيل : سدرة. وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشا ولا يفرّوا. وروي أنه بايعهم (١) على الموت ، وقد تقدّم ذكر عدد أهل هذه البيعة قريبا ، والقصة مبسوطة في كتب الحديث والسّير (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) معطوف على يبايعونك. قال الفراء : أي : علم ما في قلوبهم من الصدق والوفاء. وقال قتادة وابن جريج : من الرضى بأمر البيعة على أن لا يفرّوا. وقال مقاتل : من كراهة البيعة على الموت (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) معطوف على رضي. والسكينة : الطمأنينة وسكون النفس كما تقدّم ، وقيل : الصبر (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) هو فتح خيبر عند انصرافهم من الحديبية. قاله قتادة وابن أبي ليلى وغير هما ، وقيل : فتح مكة ، والأوّل أولى (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) أي : وأثابكم مغانم كثيرة ، أو : وآتاكم ، وهي غنائم خيبر ، والالتفات لتشريفهم بالخطاب (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) أي : غالبا مصدرا أفعاله وأقواله على أسلوب الحكمة (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) في هذا وعد منه سبحانه لعباده المؤمنين بما سيفتحه عليهم من الغنائم إلى يوم القيامة يأخذونها في أوقاتها التي قدّر وقوعها فيها (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) أي : غنائم خيبر ، قاله مجاهد وغيره ، وقيل : صلح الحديبية (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) أي : وكفّ أيدي قريش عنكم يوم الحديبية بالصلح ، وقيل : كفّ أيدي أهل خيبر وأنصارهم عن قتالكم ، وقذف في قلوبهم الرعب. وقال قتادة : كفّ أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى الحديبية وخيبر ،
__________________
(١). في مسند أحمد (٤ / ٥١) : فبايعوه.