بقول الله كما تزعمون. ثم ردّ الله سبحانه عليهم بقوله : (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) أي : لا يعلمون إلا علما قليلا ، وهو علمهم بأمر الدنيا ، وقيل : لا يفقهون من أمر الدين إلا فقها قليلا ، وهو ما يصنعونه نفاقا بظواهرهم دون بواطنهم.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَتُعَزِّرُوهُ) يعني الإجلال (وَتُوَقِّرُوهُ) يعني التعظيم ، يعني محمد صلىاللهعليهوسلم. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه ، والضياء في المختارة ، عنه في قوله : (وَتُعَزِّرُوهُ) قال : تضربوا بين يديه بالسيف. وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب ، وابن عساكر في تاريخه ، عن جابر بن عبد الله قال : «لما أنزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية (وَتُعَزِّرُوهُ) قال لأصحابه : ما ذاك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : لتنصروه». وأخرج أحمد وابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال : «بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النّفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا فيه لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه ممّا نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة ، فمن وفّى وفّى الله له ، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه». وفي الصحيحين من حديث جابر : «أنهم كانوا في بيعة الرضوان خمس عشرة مائة» وفيهما عنه أنهم كانوا أربعة عشرة مائة ، وفي البخاري من حديث قتادة عن سعيد بن المسيب أنه سأله كم كانوا في بيعة الرضوان قال : خمس عشرة مائة ، فقال له : إن جابرا قال : كانوا أربع عشرة مائة ، قال رحمهالله : وهم ، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (١٧) لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩) وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢) سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤))
قوله : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) هم المذكورون سابقا (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال عطاء بن أبي رباح ومجاهد وابن أبي ليلى وعطاء الخراساني : هم فارس. وقال كعب والحسن : هم الروم. وروي عن الحسن أيضا أنه قال : هم فارس والروم. وقال سعيد بن جبير : هم هوازن وثقيف. وقال عكرمة :