سورة العاديات
وهي مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء ، ومدنية في قول ابن عباس وأنس بن مالك وقتادة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة (وَالْعادِياتِ) بمكة. وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ، والعاديات تعدل نصف القرآن» ، وهو مرسل. وأخرج محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا مثله ، وزاد : «وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١))
(الْعادِياتِ) جمع عادية ، وهي الجارية بسرعة ، من العدو : وهو المشي بسرعة ، فأبدلت الواو ياء لكسر ما قبلها كالغازيات من الغزو ، والمراد بها الخيل العادية في الغزو نحو العدوّ ، وقوله : (ضَبْحاً) مصدر مؤكد لاسم الفاعل ، فإن الضبح نوع من السير ونوع من العدو ، يقال : ضبح الفرس ؛ إذا عدا بشدّة ، مأخوذ من الضبح ، وهو الدفع ، وكأن الحاء بدل من العين. قال أبو عبيدة والمبرّد : الضبح من أضباعها في السير ، ومنه قول عنترة :
والخيل تعلم حين تض |
|
بح في حياض الموت ضبحا |
ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، أي : ضابحات ، أو ذوات ضبح ، ويجوز أن يكون مصدرا لفعل محذوف ، أي : تضبح ضبحا ، وقيل : الضبح : صوت حوافرها إذا عدت ، وقال الفراء : الضبح صوت أنفاس الخيل إذا عدت. قيل : كانت تكعم (١) لئلا تصهل فيعلم العدوّ بهم ، فكانت تتنفس في هذه الحالة بقوّة ، وقيل : الضبح : صوت يسمع من صدور الخيل عند العدو ليس بصهيل. وقد ذهب الجمهور إلى ما ذكرنا من أن «العاديات ضبحا» هي الخيل. وقال عبيد بن عمير ومحمد بن كعب والسدّي : هي الإبل ، ومنه قول صفية بنت عبد المطلب :
__________________
(١). «تكعم» : الكعام : شيء يجعل على فم البعير.