سورة القمر
ويقال سورة اقتربت ، وهي خمس وخمسون آية وهي مكية كلها في قول الجمهور. وقال مقاتل : هي مكية إلا ثلاث آيات من قوله : (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) إلى قوله : (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) قال القرطبي : ولا يصحّ. وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والنحاس ، والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس : أنها نزلت بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وأخرج البيهقي في الشعب ، عن ابن عباس قال : «اقتربت» تدعى في التوراة المبيضة ؛ تبيض وجه صاحبها يوم تبيض الوجوه. قال البيهقي : منكر. وأخرج ابن الضريس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، رفعه : «من قرأ اقتربت السّاعة في كلّ ليلتين بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر». وأخرج ابن الضريس نحوه عن ليث بن معن عن شيخ من همدان رفعه ، وقد تقدم أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ بقاف واقتربت الساعة في الأضحى والفطر.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧))
قوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أي : قربت ولا شك أنها قد صارت ، فاعتبار نسبة ما بقي بعد قيام النبوّة المحمدية إلى ما مضى من الدنيا قريبة. ويمكن أن يقال : إنها لما كانت متحققة الوقوع لا محالة كانت قريبة ، فكلّ آت قريب (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أي : وقد انشقّ القمر ، وكذا قرأ حذيفة بزيادة قد ، والمراد : الانشقاق الواقع في أيام النبوّة معجزة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإلى هذا ذهب الجمهور من السلف والخلف. قال الواحدي : وجماعة المفسرين على هذا إلا ما روى عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال : المعنى سينشقّ القمر ، والعلماء كلهم على خلافه. قال : وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر ؛ لأن انشقاقه من علامات نبوّة محمد