سورة الشمس
وهي مكية بلا خلاف. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت «والشمس وضحاها» بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وأخرج أحمد ، والترمذي وحسّنه ، والنسائي عن بريدة : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ في صلاة العشاء والشمس وضحاها وأشباهها من السور». وقد تقدّم حديث جابر في الصحيح : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لمعاذ : «هلّا صليت بسبّح اسم ربك الأعلى ، والشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى». وأخرج الطبراني عن ابن عباس : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أمره أن يقرأ في صلاة الصبح بالليل إذا يغشى والشمس وضحاها». وأخرج البيهقي في الشعب عن عقبة ابن عامر قال : «أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نصلّي ركعتي الضحى بسورتيهما بالشمس وضحاها والضّحى».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))
أقسم سبحانه بهذه الأمور ، وله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته ، وقال قوم : إن القسم بهذه الأمور ونحوها مما تقدّم ، ومما سيأتي هو على حذف مضاف ، أي : وربّ (الشَّمْسِ) وربّ القمر ، وهكذا سائرها ، ولا ملجئ إلى هذا ولا موجب له ، وقوله : (وَضُحاها) هو قسم ثان ، قال مجاهد : (وَضُحاها) أي : ضوؤها وإشراقها ، وأضاف الضحى إلى الشمس لأنه إنما يكون عند ارتفاعها ، وكذا قال الكلبي. وقال قتادة : (ضُحاها) : نهارها كله. قال الفراء : الضحى : هو النهار. وقال المبرد : أصل الضحى ، الصبح ، وهو نور الشمس. قال أبو الهيثم : الضحى : نقيض الظلّ ، وهو نور الشمس على وجه الأرض ، وأصله : الضحى فاستثقلوا الياء فقلبوها ألفا. قيل : والمعروف عند العرب أن الضحى إذا طلعت الشمس وبعيد ذلك قليلا ، فإذا زاد فهو الضّحاء بالمد. قال المبرد : الضحى والضحوة مشتقان من الضّحّ وهو النور ، فأبدلت الألف والواو من الحاء.
واختلف في جواب القسم ماذا هو؟ فقيل : هو قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) قاله الزجاج وغيره. قال الزجاج : وحذفت اللام ؛ لأن الكلام قد طال ، فصار طوله عوضا منها ، وقيل : الجواب محذوف ، أي :