عملا. وأخرج النحّاس عنه أيضا في قوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) قال : فجعل الله النبيّ والمؤمنين بالخيار في الأسارى ، إن شاؤوا قتلوهم ، وإن شاؤوا استعبدوهم ، وإن شاؤوا فادوهم. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : هذا منسوخ ، نسختها : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (١). وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن الحسن قال : أتى الحجاج بأسارى ، فدفع إلى ابن عمر رجلا يقتله ، فقال ابن عمر : ليس بهذا أمرنا ، إنما قال الله (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً). وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر وابن مردويه عن ليث قال : قلت لمجاهد : بلغني أن ابن عباس قال : لا يحلّ قتل الأسارى ؛ لأن الله قال : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) فقال مجاهد : لا تعبأ بهذا شيئا ، أدركت أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكلهم ينكر هذا ، ويقول : هذه منسوخة ، إنما كانت في الهدنة التي كانت بين النبيّ صلىاللهعليهوسلم وبين المشركين ، فأما اليوم فلا ، يقول الله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (٢) ويقول : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ) فإن كان من مشركي العرب لم يقبل شيء منهم إلا الإسلام ، فإن لم يسلموا فالقتل ، وأما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار إن شاؤوا قتلوهم وإن شاؤوا استحيوهم ، وإن شاؤوا فادوهم إذا لم يتحوّلوا عن دينهم ، فإن أظهروا الإسلام لم يفادوا. ونهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قتل الصغير والمرأة والشيخ الفاني. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماما مهديا وحكما عادلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، وتوضع الجزية ، وتضع الحرب أوزارها». وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي والبغوي والطبراني وابن مردويه عن سلمة بن نفيل عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم من حديث قال : «لا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج». وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : (وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) قال : لكفار قومك يا محمد [مثل] (٣) ما دمرت به القرى فأهلكوا بالسيف.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩))
__________________
(١). التوبة : ٥.
(٢). التوبة : ٥.
(٣). من الدر المنثور (٧ / ٤٦٣)