الكلمة فتكون حقا ، وأما ما زادوا فيكون باطلا ، فلما بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم منعوا مقاعدهم ، فذكروا ذلك لإبليس ، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك ، فقال لهم : ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض ، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قائما يصلي بين جبلين بمكة ، فأتوه فأخبروه ، فقال : هذا الحدث الّذي حدث في الأرض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) يقول : منّا المسلم ، ومنّا المشرك ، و (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أهواء شتى. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) قال : لا يخاف نقصا من حسناته ، ولا زيادة في سيئاته.
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧) وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨))
قوله : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) هم الذين آمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم (وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) أي : الجائرون الظالمون الذين حادوا عن طريق الحق ، ومالوا إلى طريق الباطل ، يقال : قسط ؛ إذا جار ، وأقسط ؛ إذا عدل (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أي : قصدوا طريق الحق. قال الفراء : أمّوا الهدى (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) أي : وقودا للنار توقد بهم كما توقد بكفرة الإنس (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) هذا ليس من قول الجنّ بل هو معطوف على (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) والمعنى : وأوحي إليّ أن الشأن لو استقام الجنّ أو الإنس أو كلاهما على الطريقة ، وهي طريقة الإسلام ، وقد قدّمنا أن القراء اتفقوا على فتح «أن» هاهنا. قال ابن الأنباري : والفتح هنا على إضمار يمين تأويلها : والله أن لو استقاموا على الطريقة كما يقال في الكلام : والله أن قمت لقمت ، وو الله لو قمت لقمت ، كما في قول الشاعر :
أما والله أن لو كنت حرّا |
|
وما بالحرّ أنت ولا العتيق |
قال : أو على «أوحي إليّ أنه استمع» ، «وأن لو استقاموا» ، أو على «آمنا به» : أي آمنا به ، وبأن لو استقاموا. قرأ الجمهور بكسر الواو من «لو» لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن وثّاب والأعمش بضمها