الحسن ومقاتل. وقال الكلبي وأبو عبيدة : هو عذاب النار. وقال الزجّاج : سموم جهنم ما يوجد من حرّها. قال أبو عبيدة : السّموم بالنهار ، وقد يكون بالليل ، والحرور بالليل ، وقد يكون بالنهار ، وقد يستعمل السموم في لفح البرد ، وفي لفح الشمس والحرّ أكثر ، ومنه قول الشاعر :
اليوم يوم بارد سمومه |
|
من جزع اليوم فلا ألومه |
وقيل : سميت الريح سموما لأنها تدخل المسامّ (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ) أي : نوحّد الله ونعبده ، أو نسأله أن يمنّ علينا بالمغفرة والرّحمة (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) قرأ الجمهور بكسر الهمزة على الاستئناف ، وقرأ نافع والكسائي بفتحها ، أي لأنه ، والبرّ : كثير الإحسان ، وقيل : اللطيف ، والرّحيم : كثير الرحمة لعباده (فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) أي : اثبت على ما أنت عليه من الوعظ والتذكير ، والباء متعلّقة بمحذوف هو حال ، أي : ما أنت متلبسا بنعمة ربك التي أنعم بها عليك من رجاحة العقل والنبوّة بكاهن ولا مجنون ، وقيل : بمحذوف يدل عليه الكلام ، أي : ما أنت في حال إذكارك بنعمة ربّك بكاهن ولا مجنون ، وقيل : الباء سببية متعلّقة بمضمون الجملة المنفية ، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله عليك ، كما تقول : ما أنا بمعسر بحمد الله. وقيل : الباء للقسم متوسطة بين اسم ما وخبرها ، والتقدير : ما أنت ونعمة الله بكاهن ولا مجنون ، والكاهن : هو الّذي يوهم أنه يعلم الغيب من دون وحي ، أي : ليس ما تقوله كهانة ، فإنك إنما تنطق بالوحي الّذي أمرك الله بإبلاغه. والمقصود من الآية ردّ ما كان يقوله المشركون : إنه كاهن أو مجنون (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) «أم» هي المنقطعة ، وقد تقدّم الخلاف هل هي مقدّرة ببل والهمزة ، أو ببل وحدها. قال الخليل : هي هنا للاستفهام. قال سيبويه : خوطب العباد بما جرى في كلامهم. قال النحاس : يريد سيبويه أنّ «أم» في كلام العرب للخروج من حديث إلى حديث ، و «نتربص» في محل رفع صفة لشاعر ، و «ريب المنون» : صروف الدهر ، والمعنى : ننتظر به حوادث الأيام فيموت كما مات غيره ، أو يهلك كما هلك من قبله ، والمنون يكون بمعنى الدهر ، ويكون بمعنى المنية. قال الأخفش : المعنى نتربّص إلى ريب المنون ، فحذف حرف الجرّ ، كما تقول : قصدت زيدا ، وقصدت إلى زيد ، ومن هذا قول الشاعر :
ترّبص بها ريب المنون لعلّها |
|
تطلّق يوما أو يموت حليلها |
وقول أبي ذؤيب الهذلي :
أمن المنون وريبه تتوجع |
|
والدّهر ليس بمعتب من يجزع |
قال الأصمعي : المنون واحد لا جمع له. قال الفرّاء : يكون واحدا وجمعا. وقال الأخفش : هو جمع لا واحد له. ثم أمره سبحانه أن يجيب عنهم ، فقال : (قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) أي : انتظروا موتي أو هلاكي ، فإني معكم من المتربّصين لموتكم أو هلاككم. قرأ الجمهور «نتربص» بإسناد الفعل إلى جماعة المتكلمين. وقرأ زيد بن عليّ على البناء للمفعول. (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا) أي : بل