ويجوز ان تكون متعلقة بمحذوف ، اى : عاقبهم بانتشار الفساد بينهم ، ليجعلهم يحسون بسوء عاقبة الولوغ في المعاصي ، ولعلهم يرجعون عنها ، إلى الطاعة والعمل الصالح.
ثم يلفت ـ سبحانه ـ أنظار الناس إلى سوء عاقبة من ارتكس في الشرك والظلم ، فيقول : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ ، كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ). أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ للناس : سيروا في الأرض سير المتأملين المعتبرين ، لتروا بأعينكم ، كيف كانت عاقبة الظالمين من قبلكم ...
لقد كانت عاقبتهم الدمار والهلاك ، بسبب إصرار أكثرهم على الشرك والكفر ، وانغماس فريق منهم في المعاصي والفواحش.
فالمراد بالسير ، ما يترتب عليه من عظات وعبر ، حتى لا تكون عاقبة اللاحقين ، كعاقبة السابقين ، في الهلاك والنكال.
ثم أكد ـ سبحانه ـ ما سبق أن أمر به رسوله صلىاللهعليهوسلم من ثبات على الحق فقال : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) .. أى : إذا كان الأمر كما ذكرت لك ـ أيها الرسول الكريم ـ من سوء عاقبة الأشرار ، وحسن عاقبة الأخيار. فاثبت على هذا الدين القويم ، الذي أوحيناه إليك ، ولا تتحول عنه إلى جهة ما.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) أى : اثبت على هذا الدين القيم ، من قبل أن يأتى يوم القيامة ، الذي لا يقدر أحد على ردّه أو دفع عذابه إلا الله ـ تعالى ـ وحده.
ثم بين ـ سبحانه ـ أحوال الناس في هذا اليوم فقال : (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ).
أى : يتفرقون. وأصله يتصدعون ، فقلبت تاؤه صادا وأدغمت. والتصدع التفرق : يقال : تصدع القوم إذا تفرقوا ، ومنه قول الشاعر :
وكنا كندمانى جذيمة حقبة |
|
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا |
أى : لن يتفرقا.
والمعنى : اثبت على هذا الدين ، من قبل أن يأتي يوم القيامة ، الذي يتفرق فيه الناس إلى فريقين ثم بين ـ سبحانه ـ الفريق الأول فقال : (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) أى : من كفر من الناس ، فعاقبة كفره واقعة عليه لا على غيره ، وسيتحمل وحده ما يترتب على ذلك من عذاب مهين.
قال صاحب الكشاف : قوله (فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) كلمة جامعة لما لا غاية وراءه من المضار ،