ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) أى : وربك ـ أيها الرسول الكريم ـ على كل شيء رقيب وحفيظ ، بحيث لا يخرج شيء عن حفظه وهيمنته وعلمه وقدرته.
وهكذا نجد القرآن قد ساق لنا قصتين متعاقبتين ، إحداهما تدل على أن طاعة الله ـ تعالى ـ وشكره ، وإخلاص العبادة له ، وحسن الصلة به ـ سبحانه ـ ، كل ذلك يؤدى إلى المزيد من نعمه ـ تعالى ـ ، كما حدث لداود وسليمان ـ عليهماالسلام ـ.
وأما الثانية فتدل على أن الجحود والبطر والانغماس في المعاصي والشهوات. كل ذلك يؤدى إلى زوال النعم ، كما حدث لقبيلة سبأ.
وصدق الله إذ يقول : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى ، وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١).
ثم نجد السورة الكريمة بعد ذلك ، تلقن النبي صلىاللهعليهوسلم الحجج التي تؤيد ما هو عليه من حق وصدق ، وتزهق ما عليه أعداؤه من باطل وكذب .. فتقول :
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ
__________________
(١) سورة يوسف. الآية ١١١.