وقال الآلوسى : والمراد بكلماته ـ تعالى ـ كلمات علمه ـ سبحانه ـ وحكمته. وقيل : المراد بها : مقدوراته وعجائب خلقه ، والتي إذا أراد ـ سبحانه ـ شيئا منها قال له : (كُنْ فَيَكُونُ) (١).
ثم أتبع ـ سبحانه ـ ذلك بيان نفاذ قدرته فقال : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ.) ... أى : ما خلقكم ـ أيها الناس ـ جميعا ، ولا بعثكم يوم القيامة ، إلا كخلق نفس واحدة أو بعثها ، لأن قدرته ـ عزوجل ـ يتساوى معها القليل والكثير ، والصغير والكبير ، قال ـ تعالى ـ (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
وقال ـ سبحانه ـ : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ).
(إِنَّ اللهَ) ـ تعالى ـ : (سَمِيعٌ) لكل شيء (بَصِيرٌ) بأحوال خلقه لا يخفى عليه شيء منهم.
ثم ذكر ـ سبحانه ـ الناس بجانب من مظاهر قدرته ونعمه عليهم ، لكي يخلصوا له العبادة والطاعة ، فقال ـ تعالى ـ :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)(٣٢)
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢١ ص ١٠٠.