(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أيها الرسول الكريم ـ (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وأوجدهما على هذا النظام البديع .. (لَيَقُولُنَ) في الجواب (اللهُ) أى : الله ـ تعالى ـ هو الذي خلقهما ، وهو الذي أوجدهما.
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) قل ـ أيها الرسول الكريم ـ الحمد لله ـ تعالى ـ وحده ، حيث اعترفتم بأن خالقهما هو الله ، وما دام الأمر كذلك ، فكيف أشركتم معه في العبادة غيره؟ إن قولكم هذا الذي تؤيده الفطرة ، ليتنافى مع ما أنتم عليه من كفر وضلال.
وقوله ـ سبحانه ـ (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) إضراب عن أقوالهم إلى بيان واقعهم ، أى : بل أكثرهم لا يعلمون الحقائق علما سليما ، وإنما هم يقولون بألسنتهم ، وما يتباين تباينا تاما مع أفعالهم ، وهذا شأن الجاهلين ، الذين انطمست بصائرهم ..
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يدل على عظيم قدرته ، وشمول ملكه فقال : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). أى : لله ـ تعالى ـ وحده ، ما في السموات وما في الأرض ، خلقا ، وملكا ، وتصرفا ..
(إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) عن كل ما سواه (الْحَمِيدُ) أى : المحمود من أهل الأرض والسماء ، لأنه هو الخالق لكل شيء ، والرازق لكل شيء.
ثم ساق ـ تعالى ـ بعد ذلك ما يدل على شمول علمه ، ونفاذ قدرته ، فقال ـ سبحانه ـ :
(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)(٢٨)
قال ابن كثير : قال قتادة : قال المشركون : إنما هذا كلام يوشك أن ينفد ، فقال ـ تعالى ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) ...
وعن ابن عباس أن أحبار يهود قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم أرأيت قولك : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)؟ إيانا تريد أم قومك؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «كلا عنيت» فقالوا : ألست