ثم بين ـ سبحانه ـ أن علمه شامل لكل شيء ، وأنه سيجازى هؤلاء المشركين بما يستحقونه من عقاب فقال : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
و «ما» موصولة ، وهي مفعول يعلم ، والعائد محذوف ، و «من شيء» بيان لما.
أى : إن الله ـ تعالى ـ يعلم علما تاما الذي يعبده هؤلاء المشركون من دونه ، سواء أكان ما يعبدونه من الجن أم من الإنس أم من الجمادات أم من غير ذلك ، (وَهُوَ) ـ سبحانه ـ (الْعَزِيزُ) أى : الغالب على كل شيء (الْحَكِيمُ) في أقواله وأفعاله.
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) التي سقناها في كتابنا العزيز ، والتي من بينها المثال السابق.
(نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) على سبيل الإرشاد والتنبيه والتوضيح.
(وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) أى : وما يعقل هذه الأمثال ، ويفهم صحتها وحسنها ، إلا الراسخون في العلم ، المتدبرون في خلق الله ـ تعالى ـ ، الفاقهون لما يتلى عليهم.
ثم ذكر ـ سبحانه ـ ما يدل على عظيم قدرته ، وأمر نبيه صلىاللهعليهوسلم بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم ، ومن الصلاة ، فقال ـ تعالى ـ :
(خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ)(٤٥)
أى : خلق الله ـ تعالى ـ السموات والأرض بالحق الذي لا باطل معه ، وبالحكمة التي لا يشوبها عبث أو لهو ، حتى يكون هذا الخلق متفقا مع مصالح عبادنا ومنافعهم ..
ومن مظاهر ذلك ، أنك لا ترى ـ أيها العاقل ـ في خلق الرحمن من تفاوت أو تصادم ، أو اضطراب.
واسم الإشارة في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) يعود إلى خلق السموات والأرض ، وما اشتملتا عليه من بدائع وعجائب.