وقال ـ سبحانه ـ : (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) للإشعار ، بأن ما يفعله الرسول صلىاللهعليهوسلم إنما يفعله بأمر الله ـ تعالى ـ لأنه صلىاللهعليهوسلم لا ينطق عن الهوى.
وقوله : (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) أى : لا يصح لمؤمن أو مؤمنة إذا أراد الله ورسوله أمرا ، أن يختاروا ما يخالف ذلك ، بل يجب عليهم أن يذعنوا لأمره صلىاللهعليهوسلم وأن يجعلوا رأيهم تابعا لرأيه في كل شيء.
وكلمة الخيرة : مصدر من تخيّر ، كالطّيرة مصدر من تطيّر. وقوله : (مِنْ أَمْرِهِمْ) متعلق بها ، أو بمحذوف وقع حالا منها.
وجاء الضمير في قوله (لَهُمُ) وفي قوله (مِنْ أَمْرِهِمْ) بصيغة الجمع : رعاية للمعنى إذ أن لفظي مؤمن ومؤمنة وقعا في سياق النفي ، فيعمان كل مؤمن وكل مؤمنة.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) بيان لسوء عاقبة من يخالف أمر الله ورسوله.
أى : ومن يعص الله ورسوله في أمر من الأمور ، فقد ضل عن الحق والصواب ضلالا واضحا بينا.
ثم ذكر ـ سبحانه ـ قصة زواج النبي صلىاللهعليهوسلم من السيدة زينب بنت جحش ، وما ترتب على هذا الزواج من هدم لعادات كانت متأصلة في الجاهلية فقال ـ تعالى ـ : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) .. أى : واذكر ـ أيها الرسول الكريم ـ وقت أن قلت للذي أنعم الله ـ تعالى ـ عليه بنعمة الإيمان ، وهو زيد بن حارثة ـ رضى الله عنه ـ.
وأنعمت عليه ، بنعمة العتق ، والحرية ، وحسن التربية ، والمحبة ، والإكرام ..
(أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) أى : اذكر وقت قولك له : أمسك عليك زوجك زينب بنت جحش ، فلا تطلقها ، واتق الله في أمرها ، واصبر على ما بدر منها في حقك ..
وكان زيد ـ رضى الله عنه ـ قد اشتكى للنبي صلىاللهعليهوسلم من تطاولها عليه ، وافتخارها بحسبها ونسبها ، وتخشينها له القول ، وقال : يا رسول الله ، إنى أريد أن أطلقها.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) معطوف على (تَقُولُ). أى : تقول له ذلك وتخفى في نفسك الشيء الذي أظهره الله ـ تعالى ـ لك ، وهو إلهامك بأن زيدا سيطلق زينب ، وأنت ستتزوجها بأمر الله ـ عزوجل ـ.
قال الآلوسى : والمراد بالموصول (مَا) على ما أخرج الحكيم الترمذي وغيره عن على