تعالى ـ وحده ربي ، ولا أشرك معه أحدا من خلقه لا في الربوبية ، ولا في الألوهية ، ولا في الذات ولا في الصفات.
وقوله ـ سبحانه ـ في هذه الآية (لكِنَّا ...) أصله : «لكن أنا» أى : لكن أنا أقول هو الله ربي. فحذفت همزة «أنا» وأدغمت نون «لكن» في نون أنا بعد حذف الهمزة.
وجمهور القراء يقرءون في الوصل «لكن» بدون ألف بعد النون المشددة وقرأ أبو عامر في الوصل «لكنا» بالألف ـ أما في حالة الوقف فقد اتفق الجميع على إثبات الألف.
قال صاحب الكشاف : قوله : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) أصله : لكن أنا فحذفت الهمزة ، وألقيت حركتها على نون لكن ، فتلاقت النونان فكان الإدغام ، ونحوه قول القائل :
وترميننى بالطّرف أى أنت مذنب |
|
وتقليننى ، لكنّ إياك لا أقلى |
أى : لكن أنا لا أقليك.
و «هو» ضمير الشأن : أى : والشأن أن الله ربي : والجملة خبر أنا. والراجع منها إليه ياء الضمير.
فإن قلت : هو استدراك لأى شيء؟ قلت : لقوله «أكفرت ..» قال لأخيه أنت كافر بالله ، لكني مؤمن موحد ، كما تقول : زيد غائب لكن عمرا حاضر» (١).
ثم أرشده إلى ما كان يجب عليه أن يقوله عند دخوله جنته فقال : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ...).
قال الإمام ابن كثير : هذا تحضيض وحث على ذلك. أى : هلا إذ أعجبتك جنتك حين دخلتها ونظرت إليها ، حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعط غيرك وقلت (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) ، ولهذا قال بعض السلف : من أعجبه شيء من حاله أو ولده أو ماله ، فليقل : ما شاء الله لا قوة إلا بالله .. وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة. وقد روى فيه حديث مرفوع .. فعن أنس ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، فيرى فيه آفة دون الموت» (٢).
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٤٨٥.
(٢) تفسير ابن كثير ج ١٥ ص ١٥٤.