في البقاء على كفرهم ، كما حكت ما اقتضته حكمته ـ سبحانه ـ في إرسال الرسل ، وهددت المصرين على كفرهم بسوء العاقبة.
ثم ساق ـ سبحانه ـ شبهة أخرى من شبهات المشركين التي حكاها عنهم كثيرا ، ورد عليها بما يبطلها ، وبين أحوالهم السيئة يوم القيامة ، بعد أن بين أن الهداية والإضلال من شأنه وحده فقال ـ تعالى ـ :
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (١٠٠)
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) كلام مستأنف منه ـ تعالى ـ لبيان نفاذ قدرته ومشيئته.
أى : ومن يهده الله ـ تعالى ـ إلى طريق الحق ، فهو الفائز بالسعادة ، المهدى إلى كل مطلوب حسن ، (وَمَنْ يُضْلِلْ) أى : ومن يرد الله ـ تعالى ـ إضلاله (فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ) أيها الرسول الكريم (أَوْلِياءَ) أى : نصراء ينصرونهم ويهدونهم إلى طريق الحق (مِنْ دُونِهِ) عزوجل ، إذ أن الله ـ تعالى ـ وحده هو الخالق للهداية والضلالة ، على حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.