رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى».
وكان صلىاللهعليهوسلم يهدى لصديقات خديجة برّا بها ووفاء لها وهي زوجته ، فما ظنك بالوالدين (١).
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ ما يجب على الإنسان نحو خالقه ـ عزوجل ـ ونحو والديه ، أتبع ذلك ببيان ما يجب على هذا الإنسان نحو أقاربه ، ونحو المسكين وابن السبيل ، ونحو ماله الذي هو نعمة من نعم الله عليه. فقال ـ تعالى ـ :
(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٨) وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (٣٠)
قال أبو حيان في البحر : «لما أمر الله ـ تعالى ـ ببر الوالدين ، أمر بصلة القرابة. قال الحسن : نزلت في قرابة النبي صلىاللهعليهوسلم. والظاهر أنه خطاب لمن خوطب بقوله : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ ...) وألحق هنا ما يتعين له من صلة الرحم ، وسد الخلة ، والمواساة عند الحاجة بالمال والمعونة بكل وجه. قال نحوه : ابن عباس وعكرمة والحسن وغيرهم» (٢).
والمراد بذوي القربى : من تربطك بهم صلة القرابة سواء أكانوا من المحارم أم لا.
والمسكين : هو من لا يملك شيئا من المال ، أو يملك مالا يسد حاجته ، وهذا النوع من
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٢٣٨.
(٢) تفسير البحر المحيط لأبى حيان ج ٦ ص ٢٩.