ويثاب. وإن الله ـ عزوجل ـ لم يخصص من قوله (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ ..) بعضا دون بعض في كتاب ، ولا بخبر عن رسوله الله صلىاللهعليهوسلم (١).
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أهوال يوم القيامة ، ذلك اليوم الذي تنفع فيه الباقيات الصالحات ، وليس الأموال ولا الأولاد ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٤٩)
والظرف في قوله : ـ تعالى ـ (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) منصوب بفعل محذوف تقديره : «اذكر».
والمراد بتسيير الجبال : اقتلاعها من أماكنها ، وصيرورتها كالعهن المنفوش.
أى : واذكر ـ أيها العاقل ـ لتعتبر وتتعظ ، أهوال يوم القيامة ، يوم نقتلع الجبال من أماكنها ، ونذهب بها حيث شئنا ، ونجعلها في الجو كالسحاب ، كما قال ـ سبحانه ـ : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ).
وكما قال ـ عزوجل ـ : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً).
__________________
(١) راجع تفسير ابن جرير ج ١٥ ص ١٦٧.