والمعنى : إن لجهنم سبعة أبواب ، لكل باب منها ، فريق معين من الغاوين يدخلون منه ، على حسب تفاوتهم في الغواية وفي متابعة إبليس ويرى كثير من المفسرين أن المراد بالأبواب هنا الأطباق والدركات.
أى لجهنم سبعة أطباق أو دركات بعضها فوق بعض ، ينزلها الغاوون ، بحسب أصنافهم وتفاوت مراتبهم في الغي والضلال.
قال الإمام ابن كثير : قوله ـ تعالى ـ (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) أى : قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس ، يدخلونه لا محيد لهم عنه ـ أجارنا الله منها ـ وكل يدخل من باب بحسب عمله ، ويستقر في درك بقدر فعله .... ثم قال : وعن عمرة بن جندب ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) قال : «إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه ، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته (١) ، ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ...» (٢).
وبعد : فهذه قصة خلق الإنسان ، وقصة خلق الجان ـ كما بينتها هذه السورة الكريمة ـ ومن الدروس والعظات التي نأخذها منها :
١ ـ دلالتها على كمال قدرة الله ـ تعالى ـ ، وبديع خلقه ، وبليغ حكمته ، حيث خلق ـ سبحانه ـ الإنسان من مادة تختلف عن المادة التي خلق منها الجان ، وحيث كرم الإنسان بخاصية أخرى أشار إليها القرآن في قوله ـ تعالى ـ (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ..).
وهذه الخاصية هي التي تجعل من هذا الإنسان ، إنسانا ينفرد بخصائصه عن كل الأحياء الأخرى التي تشاركه في هذه الحياة ..
٢ ـ أن خلق الجان سابق على خلق الإنسان ، بدليل قوله ـ تعالى ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ).
٣ ـ أن الملائكة عباد مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، فهم بمجرد أن أمرهم الله ـ تعالى ـ بالسجود لآدم ، سجدوا جميعا دون أن يشذ منهم أحد.
__________________
(١) الحجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٥٥.