لموسى ـ عليهالسلام ـ إذ من المعروف عند علماء الأصول ، أن تحديد العدد بالذكر ، لا يدل على نفى الزائد عنه.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : وهذا القول ـ المروي عن ابن عباس وغيره ـ ظاهر جلى حسن قوى .. فهذه الآيات التسع ، التي ذكرها هؤلاء الأئمة ، هي المرادة هنا ...
وقد أوتى موسى ـ عليهالسلام ـ آيات أخرى كثيرة منها : ضربه الحجر بالعصا ، وخروج الماء منه .. وغير ذلك مما أوتوه بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر ، ولكن ذكر هنا هذه الآيات التسع التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا.
ثم قال : وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي قال : قال يهودي لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ...) فسألاه : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تسخروا ، ولا تأكلوا الربا ، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ، ولا تقذفوا محصنة ، ولا تفروا من الزحف» .. فقبّلا يديه ورجليه ...
ثم قال : «أما هذا الحديث فهو حديث مشكل. وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء ، وتكلموا فيه ، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات ، بالعشر الكلمات ، فإنها وصايا في التوراة ، لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون ...» (١).
والحق أن ما رجحه الإمام ابن كثير من أن المراد بالآيات التسع هنا : ما آتاه الله ـ تعالى ـ لنبيه موسى ـ عليهالسلام ـ من العصا ، واليد ... هو الذي تسكن إليه النفس ، لأن قوله ـ تعالى ـ بعد ذلك (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ ...) يؤيد أن المراد بها ما تقدم من العصا ، واليد ، والسنين .. ولأنها هي التي فيها الحجج ، والبراهين والمعجزات الدالة على صدق موسى ـ عليهالسلام ـ. أما تلك الوصايا التي وردت في الحديث فلا علاقة لها بقيام الحجة على فرعون ـ كما قال الإمام ابن كثير.
هذا ، والخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ) يرى بعضهم أنه
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ١٢٣.