أى : إن عذاب ربك كان جديرا وقمينا بأن يحذره ، ويحترز منه كل عاقل.
وقدم ـ سبحانه ـ الرجاء على الخوف ، لأن متعلقه أسبق ، ولأنه بجانب الله ـ تعالى ـ أظهر ، ففي الحديث القدسي : «إن رحمتي سبقت غضبى».
هذا ، وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ، لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ، وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ ، وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) (١).
وبذلك نرى أن هاتين الآيتين قد قررتا بأسلوب منطقي بليغ ، أن الله ـ تعالى ـ هو الخالق لكل شيء ، وأنه وحده هو المتصرف في شئون عباده ، وأن كل مخلوق سواه ـ سبحانه ـ محتاج إلى عونه وعفوه ورضاه ، وأن الذين زعمهم المشركون آلهة كعيسى وعزير والملائكة ... ما هم إلا من عباد الله الذين يبتغون إليه الوسيلة ، ويرجون رحمته ويخافون عذابه.
ثم ساق ـ سبحانه ـ سنة من سننه التي لا تتخلف ، وبين جانبا من مظاهر فضله على هذه الأمة ونبيها صلىاللهعليهوسلم. فقال ـ تعالى ـ :
(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨) وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩) وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً) (٦٠)
__________________
(١) سورة سبأ الآية ٢٢.