قال الآلوسى : ولا يرد لوط ـ عليهالسلام ـ فإنه لما تأهل فيهم وسكن معهم عد منهم ـ أيضا ـ.
وقال ابن عطية : يجور أن يبعث الله شهداء من الصالحين مع الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ.
وقد قال بعض الصحابة : إذا رأيت أحدا على معصية فانهه فإن أطاعك وإلا كنت شهيدا عليه يوم القيامة (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم على سبيل التشريف والتكريم. أى : وجئنا بك ـ أيها الرسول الكريم ـ يوم القيامة شهيدا على هؤلاء الذين أرسلك الله ـ تعالى ـ لإخراجهم من الظلمات إلى النور.
وإيثار لفظ المجيء على البعث ، لكمال العناية بشأنه صلىاللهعليهوسلم.
قال ابن كثير قوله : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) يعنى أمتك. أى اذكر ذلك اليوم وهوله ، وما منحك الله فيه من الشرف العظيم ، والمقام الرفيع. وهذه الآية شبيهة بالآية التي انتهى إليها عبد الله بن مسعود حين قرأ على رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدر سورة النساء فلما وصل إلى قوله ـ تعالى ـ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم «حسبك». فقال ابن مسعود : فالتفت فإذا عيناه صلىاللهعليهوسلم تذرفان. أى بالدموع ... (٢).
والمراد بشهادته على أمته صلىاللهعليهوسلم : تصريحه بأنه قد بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح لأمته ، وتزكيته لأعمال الصالحين منها ، ورجاؤه من الله ـ تعالى ـ في هذا اليوم العصيب أن يغفر للعصاة من هذه الأمة.
ويرى بعضهم أن المراد بهؤلاء في قوله : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) أى : على الأنبياء السابقين وأممهم.
ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب ، لأنه هو الظاهر من معنى الجملة الكريمة ، ولأن آية سورة النساء (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) تؤيده.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة ببيان ما أنزله عليه من وحى فيه الشفاء للصدور ،
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ٢١٢.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٥٨٢.