الثامنة : مقبولة عمر بن حنظلة (١) ، وقد تقدّمت ، وفيها إرشاد إلى كيفيّة استنباط الحكم من الكتاب والسنّة ، وعلاج الخبرين المتعارضين بعرضهما عليهما ، وهذا واضح لمن تأمّلها ، وهي صريحة بوجود الاجتهاد ـ بالمعنى الدارج في زماننا ـ في عصر الصادق (عليهالسلام).
التاسعة : روى العباس ابن هلال عن أبي الحسن الرضا (عليهالسلام) ، قال : ذكر أنّ ابن أبي ليلى وابن شبرمة دخلا المسجد الحرام فأتيا محمّد بن علي (عليهالسلام) فقال لهما : «بما تقضيان»؟ فقالا : بكتاب الله والسنّة ، قال (عليهالسلام) : «فما لم تجداه في الكتاب والسنّة»؟ قالا : نجتهد رأينا ، قال (عليهالسلام) : «رأيكما أنتما؟! فما تقولان في امرأة وجاريتها كانتا ترضعان صبيّين في بيت وسقط عليهما فماتتا وسلم الصّبيان»؟ قالا : القافّة ، قال (عليهالسلام) : «القافة (٢) ـ يتجهّم منه لهما ـ» قالا : فأخبرنا؟ قال : «لا»!!
قال ابن داود مولى له : جعلت فداك بلغني أنّ أمير المؤمنين عليّاً (عليهالسلام) قال : «ما من قوم فوّضوا أمرهم إلى الله وألقوا سهامهم إلّا خرج السّهم الأصوب» ، فسكت (٣).
العاشرة : روى الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : قلت : رجل طلّق امرأته طلاقاً لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ، فتزوّجها رجل متعة أتحلّ للأوّل؟ قال (عليهالسلام) : «لا ، لأنّ الله تعالى يقول : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها ...) والمتعة ليس فيها طلاق» (٤).
__________________
(١) الوسائل : كتاب القضاء : ١٨ / ٧٥ و ٧٦ ح ١ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٢) القافة جمع قائف وهو الّذي يعرف الآثار. وفي جامع أحاديث الشيعة : ٢٤ / ٥١٤ التعليقة : تجهّم لهما أي : استقبلهما بوجه عبوس كريه ، كناية عن عدم علم القافة وعدم تشخيصها ، ـ القافة تلحقهما بهما ـ في نسخة الوافي.
(٣) التهذيب : ٩ / ٣٦٣ ح ١٨ ، باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.
(٤) الوسائل : ١٥ / ٣٦٩ ح ٤ ، كتاب الطلاق ، الباب ٩ ، من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه.