تقدّم بل أقوى منه ما في مرسلة يونس (١) الطويلة الواردة في أحكام الحائض والمستحاضة فإنّ فيها موارد ترشدنا إلى طريق الاجتهاد ، وغير ذلك من الرّوايات المرشدة إلى دلالة الكتاب وكيفيّة الاستدلال ، وهي منبثّة في طيّات أبواب الفقه فراجع.
السابعة : قول الباقر (عليهالسلام) لزرارة ومحمّد بن مسلم حيث سألاه (عليهالسلام) وقالا له : ما تقول في الصلاة في السّفر كيف هي؟ وكم هي؟ فقال (عليهالسلام) : «إنّ الله عزوجل يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) (النساء ـ ١٠١) فصار التقصير في السّفر واجباً كوجوب التمام في الحضر» قالا : قلنا له : قال الله عزوجل : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل «افعلوا» فكيف أوجب ذلك؟ فقال (عليهالسلام) : «أوليس قد قال الله عزوجل في الصّفا والمروة : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (البقرة ـ ١٥٨) ، ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض لأنّ الله عزوجل ذكره في كتابه ، وصنعه نبيّه ، وكذلك التقصير ، شيء صنعه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكره الله في كتابه» (٢).
__________________
(١) الوسائل : ٢ / ٥٣٨ و ٥٣٩ ح ٤ ، الباب ٣ من أبواب الحائض.
وهناك حديث أيضاً في أبواب الحيض ، الباب ٤١ الحديث ٥ ـ ص ٥٨٩ يمكن أن يفي بالمطلوب ، وهو عن إسماعيل الجعفيّ عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال الراوي : قلت لأبي جعفر (عليهالسلام) : إنّ المغيرة بن سعيد ، روى عنك أنّك قلت له : إنّ الحائض تقضي الصّلاة؟ فقال (عليهالسلام): «مالهُ ، لا وفّقه الله ، إنّ امرأة عمران نذرت ما في بطنها محرّراً ، والمحرّر للمسجد يدخله ثمّ لا يخرج منه أبداً ، فلمّا وضعتها قالت : ربّ إنّي وضعتها أُنثى وليس الذكر كالأُنثى ، فلمّا وضعتها أدخلتها المسجد ، فساهمت عليها الأنبياء ، فأصابت القرعة زكريّا (عليهالسلام) فكفلها ، فلم تخرج من المسجد حتّى بلغت ، فلمّا بلغت ما تبلغ النساء خرجت ، فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيّام التي خرجت وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد».
(٢) الوسائل : ٥ / ٥٣٨ ح ٢ ، الباب ٢٢ من أبواب صلاة المسافر.