٢ ـ آية السؤال :
قال سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (الأنبياء ـ ٧).
دلّت الآية على وجوب السؤال عند الجهل ، وليس السؤال هو المقصود بالذّات ، بل المقصود هو القيام بما يقتضيه الوقوف على الجواب.
فلو كان أمراً اعتقاديّاً لزمه الاعتناق والتسليم ظاهراً وباطناً ، ولو كان من الفروع والأحكام لزمه العمل به ، وحاصل الآية : أنّه يلزم على الجاهل السّؤال حتى يقف على الحقيقة ويعمل بوظيفته أمامها ، ولا شك أنّ الفقهاء هم أهل الذّكر في مجال الأحكام والفروع ، فعلى الجاهل أن يرجع إليهم.
فإن قلت : إنّ أهل الذّكر فُسّر بأئمة أهل البيت (عليهمالسلام) وروي عن عليّ (عليهالسلام) أنّه قال : «نحن أهل الذّكر» وروي ذلك عن أبي جعفر (عليهالسلام) ويعضده أنّ الله تعالى سمّى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذكراً رسولاً في قوله : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً* رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ...) (الطلاق ـ ١٠ و ١١) (١).
قلت : إنّ الآية تحثّ على السّؤال من أهل الذّكر ، وهو أمر كليّ تختلف مصاديقه حسب اختلاف المقامات والموضوعات ، فأهل الذّكر بالنّسبة إلى أحوال الأُمم البادية والحضارات المتبدّدة هم المطّلعون على تواريخ الأُمم الماضية ، وبالنّسبة إلى مضامين التوراة والإنجيل ومحتوياتهما ، وما جرى على أنبياء الله ورسله من المقادير هم أهل الكتاب ، وهكذا ... وأمّا المرويّ عن عليّ (عليهالسلام) وأبي جعفر (عليهالسلام) إنمّا هو من باب تطبيق الآية على المصداق الأتمّ والأكمل ، فهم أدرى
__________________
(١) مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي : ٧ / ٤٠.