على استحالة تقييد الحكم بإحدى الخصوصيتين المنقسم إليهما الحكم انقساما ثانويا ، إن لم يقم برهان على استحالة التقييد بالجعل الأول ، حينئذ يكون التقييد معقولا ويصبح الإطلاق معقولا وضروريا بنفس الجعل الأول ، وإنّ فرض أنه قام برهان على استحالة التقييد بالجعل الأول ، فهذا يوجب ضرورية الإطلاق ، فيكون الحكم محفوظا بالحفظ الأول ، لكن بالإطلاق.
وليس من الصحيح أن يقال : إنّه إذا استحال التقييد استحال الإطلاق ، بدعوى أن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، إذ إنّنا أوضحنا فيما سبق ، أن التقابل بينهما هو تقابل السلب والإيجاب ، فإذا استحال التقييد بقيد يصبح الإطلاق ضروريا بنفس الجعل الأول ، أي : إنّه إذا استحال الإيجاب تعيّن السلب ، إذن فالحكم يحفظ ويكون دائما إمّا بالتقييد بالجعل الأول ، أو بالإطلاق بالجعل الأول ، إن أمكن التقييد ، إذن فيعقل حفظ الحكم بكلا النحوين تقييدا أو إطلاقا بالجعل الأول ، كما عرفته مبرهنا عليه في بحث التعبّدي والتوصّلي.
وأمّا النحو الثالث من أنحاء الحفظ ، وهو : كون الخطاب بذاته حافظا لنفسه في الفروض التي هو بذاته يتعرض لها ، كما في فرض الفعل وفرض الترك.
وهنا قال المحقق الميرزا «قده» : إنّ انحفاظ الحكم والخطاب في فرض الفعل والترك ، يستحيل أن يكون بالإطلاق والتقييد ، بل يجب أن يكون انحفاظه انحفاظا ذاتيا ، إذن فكلامه هنا له شقان :
١ ـ شق سلبي وهو أنه يستحيل أن يكون انحفاظ الحكم والخطاب في فرض الفعل والترك بالإطلاق والتقييد.
٢ ـ وشق إثباتي ، وهو أن الحكم والخطاب ينحفظ انحفاظا ذاتيا في تقديري الامتثال والعصيان.
أمّا الشق السلبي من كلام الميرزا «قده» : فهو صحيح ، إذ لا إشكال في