الفرق بينهما في صياغة هذا الخطاب لحفظ ملاك المهم ، فالقائل بإمكان الترتب يستكشف خطابين : أحدهما بالأهم مطلقا ، والثاني بالمهم على تقدير ترك الأهم وعصيانه ، لكون الملاك في المهم تعيينا مشروطا بترك الأهم ، فلا بدّ من كون خطابه على وزانه تعيينا أيضا.
وأمّا القائل بامتناع الترتب : فأيضا سوف يستكشف خطابين : أحدهما بالأهم مطلقا ، والثاني بالجامع بين الأهم والمهم ، أو بتحريم تركهما معا.
وبهذا تنعدم الثمرة بين القولين ، حيث لا فرق حينئذ إلّا بصياغة الخطاب.
وعليه فالصحيح في الجواب عن هذا الإشكال هو ما ذكرناه في الجواب الأول ، وبه ظهر إمكان الترتب من أحد الجانبين ، بمعنى إمكان أن يأمر المولى بأحد الضدين المشروط بترك الآخر.
وبقي أن نبحث في إمكان الأمر بكل من الضدين منوطا بترك الآخر ، وهذا ما سوف نبحثه في الجهة الثامنة.
* ٨ ـ الجهة الثامنة : من الجهات التي تبحث في الترتب ، هي إمكان الترتب من لا الجانبين ، كما لو أراد أن يأمر بكل من الضدين مشروطا كل منهما بترك الآخر.
وقد ذهب بعضهم إلى استحالته لوجود محذور زائد فيه عمّا ادّعي سابقا.
وقد تقرّب هذه الاستحالة بتقريبين :
١ ـ التقريب الأول : هو ما أفاده المحقق العراقي «قده» (١) ، وحاصله :
إنّ لازم ذلك هو الدور ، وذلك لأنه إذا كان الأمر «بالصلاة» مشروطا بترك
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١.
منهاج الأصول : الكرباسي ج ٢ ص ٨٦ ـ ٨٧.