وأمّا عدم صحة النظرية ، فهو : لأنها على خلاف الوجدان ، وذلك لأن الوجدان قاض بأن لحاظ العطش في نفس المرتوي لا يكفي لأن ينقدح في نفسه شوق إلى الماء ، لأن الشوق إنما ينشأ بحسب تركيب الإنسان من قوى تلائمه ، فالشوق هو ميل إلى ما يكمّله ، والمرتوي بالفعل لا يوجد عنده أيّ قوة تلائم مع حاله وقواه فعلا ، وإذا لم يكن مناسبة بين حاله وقواه ، فلا ينقدح لأنه لا شوق في حال عدم الملاءمة ، لأن الشوق فرع الملاءمة حقيقة ، لا تصور الملائم ، إذن فالإرادة غير منوطة بالوجود اللحاظي.
٣ ـ النظرية الثالثة :
وهي للمحقق النائيني (قده) حيث يقول : إن الإرادة المشروطة ، هي فعلية الوجود من أول الأمر كالمطلقة ، إذن فهو متفق مع كلتا النظريتين السابقتين من هذه الناحية ، فالوجود في كلتا الإرادتين فعلي ، لكن الموجود في إحداهما يختلف عن الآخر ، فالموجود فعلا في الإرادة المشروطة معلّق ، والموجود فعلا في الإرادة المطلقة هو فعلي غير معلق ، فهو يفرق بين الوجود والموجود ، فالإرادة المطلقة موجودة بوجود فعلي ، بينما الموجود فعلا في المشروطة هو الإرادة المعلّقة.
ومن الواضح أن هذا التفكيك بين الوجود والموجود غير معقول ، لكون الوجود عين الموجود بهذا الوجود ، فيستحيل أن يكون أحدهما معلقا والآخر فعليا ، كما أن هذا خلط بين الموجودات الفعلية والموجودات الاعتبارية ، فإذا صحّ هذا التفكيك في الوجودات الاعتبارية العنوانية التي لا يكون الموجود فيها حقيقيا ، وإنما يكون مسامحيا واعتباريا ، كباب الجعل والمجعول ، لكنه لا يصح في باب الإرادة والشوق ـ محل الكلام الذي هو من مبادئ الجعل ، ووجوده وجود حقيقي ـ. وعليه فيستحيل كون وجوده فعليا ، والموجود فيه استقباليا.
وتوضيح ذلك : إنّ الوجود للشيء تارة يكون وجودا حقيقيا ، وأخرى