والخصوصيات فيهم ، وقد أحرز منهم أنهم يعصون الأوامر بالأهم ، فيأمرهم بالمهم ، فيقول : «صلّوا» ، دون أن يأخذ العصيان قيدا أو شرطا في الحكم.
فهو لا يقول لعبيده : «صلّوا» إذا عصيتم ، وإنّما يقول لهم : «صلّوا» مطلقا ، وتكون وظيفة العبد هنا ، إطاعة وامتثال أمر مولاه في هذه الجعول التي يشخّص المولى ظروفها ، وملابساتها ، والمصلحة فيها ، دون أن يكون للعبد دور في هذا التشخيص ، حتى لو كان يعلم بخطإ مولاه في هذا التشخيص ، كما لو كان المولى سنخ مولى يمكن في حقه الخطأ والاشتباه.
حينئذ إذا تصوّرنا هذا النحو من الحكم ، سيكون من الواضح حصول التزاحم والتنافر بين الأمر بالأهم والأمر بالمهم ، لأنّ الأمر بالمهم في عالم الجعل ، لم يفرض عصيان الأمر بالأهم في موضعه ، فيكون مطلقا من هذه الناحية ، ويكون عصيان الأمر بالأهم من جملة الأمور التي يحفظها نفس خطاب الأمر بالمهم ، فيحصل التناحر والتنافر بين محركيّة الأمر بالمهم لأنه مطلق لحالة محركيّة الأمر بالأهم ، لأنّ وظيفة العبد هو التحرك نحو المهم بمقتضى إطلاقه بدلا عن الأهم.
ومن الواضح أنّ هذا التحرك نحو المهم على خلاف طبع الأمر بالأهم ، ولهذا يحصل التنافر بينهما ، ويكون الأمر أمرا بالضدين.
وكذلك لو قيل : بأن معنى «صلّ» ، عبارة تخبر عن وجود إنشاءات وخطابات بالمهم مطلقة ، رغم كونها مشروطة بعصيان الأهم ، لكن على نحو ، العمدة فيه ، تشخيص المولى للمصلحة والمفسدة ، مع كون هذه الشروط بوجودها العلمي عند المولى ، سببا في جعل الحكم من قبله ، كما لو كان يعلم بأنّ عبيده سوف يعصون الأمر بالأهم ، فتكون الأحكام المجعولة هي مجرد تعبير وتجميع لتلك الخطابات الخاصة.
لو قيل هكذا ، حينئذ أيضا يحصل التنافي والتنافر بين الأمر بالمهم والأمر بالأهم ، لأنه يكون تكليفا مطلقا بالضدين.