وذلك لأنه لو نشأ عصيان الأمر بالأهم من قبل الأمر بالمهم ، للزم الدور على كل حال ، لأن عصيان الأمر بالأهم متقدم رتبة على نفس الأمر بالأهم ، سواء أكان علة ، أو كان موضوعا ، وحينئذ فلو أثر الأمر بالمهم في إيجاد عصيان الأمر بالأهم ، للزم تأثير المتأخر في المتقدم ، وهو محال.
إذن يستحيل أن يؤثر الأمر بالمهم في إيجاد عصيان الأمر بالأهم ، وهذا تمام ما نريده في المقام ، وهو محفوظ ، سواء قلنا بكون الشرط بمعنى السبب والمؤثر ، أو قلنا ، بأنه بمعنى الموضوع ، فالتفرقة بين معنيي الشرط بالمؤثرية والموضوعية ، لا محصّل لها.
٣ ـ التقريب الثالث : لتصوير فائدة المقدمة الثانية وتفسيرها الثاني لمعنى شرائط الحكم ، هو أن يقال : إنّه لعلّ مقصود الميرزا «قده» من إثبات كون الشرط بمعنى الموضوعية من اختيار التفسير الثاني ، هو إبطال التفسير الأول بوجوهه الثلاثة لمعنى شرائط الحكم ، بمعنى كونها شرائط حقيقية ومؤثرة في الحكم ، لا سيّما خصوص الوجه الثالث من التفسير الأول للشرط ، حيث كان يرى أن الشرط بوجوده العلمي ، وإحراز المولى له ، يكون مؤثرا في إيجاد الحكم ، وعلى هذا الأساس من الوجه الثالث يكون الشرط مجرد داع للمولى كما هو الحال في تشخيص المولى للمصلحة والمفسدة ، فإنّه بناء على تشخيصه هذا ، يجعل الحكم ، ومعنى هذا أن تشخيصه هذا هو السبب في إنشاء الحكم ، واعتباره على ذمة المكلّف ، ولا يمكن للمكلّف إعمال تشخيصه في شيء من ذلك.
ونظر الميرزا «قده» في هذا التقريب هو إبطال هذا الوجه الثالث ، لأنّ هذا الوجه الثالث من تفسير الشرط ، لو تمّ لأبطل القول بإمكان الترتب.
وتوضيح ذلك هو إنّه مبنيّ على هذا الوجه الثالث ، لو فرض أنه كان عصيان الأمر بالأهم شرطا ، بمعنى «الداعي» ، إلى الحكم ، كان معناه أن عصيان الأمر بالأهم بوجوده العلمي ، كان سببا في جعل المولى للحكم ، نظير ما لو كان المولى جالسا بين عبيده ، وهو بنفسه يتصدّى لإحراز توفر الشرائط