ومقتضى ذلك هو ، أنّ الحكم بالحرمة يسري إلى حالات فقد العدالة أيضا التي هي حالات عدم العدالة ، وبذلك يثبت المطلوب.
ب ـ الطريق الثاني : لإثبات الحكم لحصة ، هو أخذ خصوصية تلك الحصة قيدا في موضوع الحكم ، فمثلا في المثل السابق لو أخذ قيد الفسق في موضوع الحكم بحرمة إكرام الفاسق ، فهنا الحرمة تثبت للفاسق ، لا من باب إلغاء قيد العدالة بل من باب أخذ قيد الفسق ، وهو ثبوت اختصاصي ، لا إطلاقي ، إذ ثبوت الحكم لحصة ، تارة يكون ثبوتا إطلاقيا ، وأخرى يكون ثبوتا اختصاصيا ، إذن فالثبوت الإطلاقي لحصة ، يكون من شئون رفض قيديّة الخصوصية المقابلة ، والثبوت الاختصاصي لحصة ، يكون من شئون أخذ خصوصية تلك الحصة في موضوع الحكم.
وحينئذ في محل الكلام نقول : إنّنا نريد إثبات الأمر بالمهم ، في صورة وفرض عدم امتثال الأمر بالأهم وعصيانه ، لكن بنحو الثبوت الاختصاصي ، لا الإطلاقي ، إذن فلا نحتاج في هذا الثبوت إلى رفض قيديّة امتثال الأمر بالأهم ليقال إنّ هذا الرفض مستحيل ، ذلك لأنه إطلاق يقابل تقييدا مستحيلا ، وكل إطلاق يقابل تقييدا مستحيلا ، يستحيل باستحالة ذلك التقييد ، بل هنا يكون ثبوت الحكم والأمر بالمهم في فرض عصيان الأمر بالأهم ، وذلك بأخذ العصيان قيدا ، لا بإلغاء قيديّة الامتثال ، وهذا كاف في التوصل إلى المطلوب ، وممكن في نفسه ، وبناء عليه يكون الترتب معقولا.
والخلاصة هي : إنّ ثبوت الحكم والأمر في مورد ، تارة يكون ثبوتا إطلاقيا بمعنى عدم التقييد بالخصوصية المقابلة المفقودة في ذلك المورد ، وأخرى يكون ثبوتا تخصيصيّا بمعنى أخذ المورد وخصوصيته قيدا في الحكم ، وحينئذ يقال : إنّ ما يكون استحالة التقييد فيه موجبا لاستحالة الإطلاق ، إنّما هو الثبوت بالنحو الأول ، أي : الثبوت الإطلاقي المقابل للتقييد تقابل العدم والملكة ، وأمّا الثبوت التخصيصي كما في النحو الثاني ، فإنّه لا يكون تقابله مع التقييد تقابل العدم والملكة ، بل يكون من باب تقابل الضدين والتقييدين ،