ـ وأمّا النقطة الثانية ، وهي : إنّ موضوع الاستصحاب هل يشترط فيه أن يكون مجعولا بالأصالة ، أو بالتبع ، أو بالعرض ، أو لا يشترط شيء من ذلك؟.
وبعبارة أخرى : هل وجوب المقدّمة من لوازم الماهية ، أو لوازم الوجود؟. وهل له مجعولية من قبل الشارع؟. وما هو نحو مجعوليته؟؟.
تنقيح ذلك ، يتوقف على معرفة لوازم الماهية ، ولوازم الوجود.
وهنا ذكروا ، بأنّ اللوازم تقسم عادة إلى هذين القسمين المذكورين ، فالإمكان من لوازم ماهيّة الإنسان ، والزوجية من لوازم ماهية الأربعة ، والحرارة من لوازم الوجود بالنسبة إلى النار.
والفرق بين النحوين ، هو أنّ لوازم الماهيّة يكفي في تحقّقها وثبوتها وواقعيتها نفس الماهية بلا حاجة إلى أن تكون موجودة لا خارجا ولا ذهنا.
فإنّ إمكان الإنسان أمر واقعي من دون حاجة إلى كونه موجودا ، لا في الذهن ، ولا في الخارج ، بل حتى لو لم يوجد إنسان ذهنا أو خارجا ، فإمكانه أمر محفوظ في الواقع ونفس الأمر.
ولوازم الوجود تحتاج في تحققها وثبوتها إلى أن تكون الماهيّة موجودة حقيقة.
فماهيّة النار بما هي ، لا تترتب عليها الحرارة ، بل على النار في الخارج ، فاللازم إذا كفى فيه ذات الماهيّة فهو لازم الماهية ، وإذا لم يكف فيه ذات الماهية في نفس الأمر والواقع ، بل كان لا بدّ من وجود الماهية في الخارج ، فهو لازم الوجود.
واعترض على هذا ، المحقق الأصفهاني «قده» (١) حيث قال : إنّ جعل
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ١ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٤.