والنافذ الأمر فيهم والذي طاعته مفترضة على جميعهم فوجب أن يستحق أمير المؤمنين عليهم السلام مثل ذلك بعينه لأنه جعل له مثل ما هو واجب له فكأنه قال من كنت أولى به من نفسه في كذا فعلي أولى به من نفسه فيه.
ووجه آخر
وهو أنا إذا اعتبرنا ما يحتمله لفظة مولى من الأقسام لم نر فيها ما يصح أن يكون من أراد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما اقتضاه الإمامة والرئاسة على الأنام.
وذلك أن أمير المؤمنين عليهم السلام لم يكن مالكا لرق كل من ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم رقه ولا معتقا لكل من أعتقه فيصح أن يكون أحد هذين القسمين المراد ولا يصح أن يريد المعتق لاستحالة هذا فيهما على كل حال.
ولا يجوز أن يريد ابن العم والناصر فيكون قد جمع الناس في ذلك المقام ويقول لهم من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه أو من كنت ناصره فعلي ناصره لعلمهم ضرورة لذلك قبل ذلك المقام.
ومن ذا الذي لم يعلم أن المسلمين كلهم أنصار من نصره النبي صلى الله عليه وسلم فلا معنى لتخصيص أمير المؤمنين عليهم السلام بذلك دون غيره.
ولا يجوز أن يريد ضمان الجرائر واستحقاق الميراث للاتفاق على أن ذلك لم يكن واجبا في شيء من الأزمان.
وكذلك لا يجوز أن يريد الحليف لأن عليا عليهم السلام لم يكن حليفا لجميع حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يصح أيضا أن يريد من كنت جاره فعلي جاره لأن ذلك لا فائدة فيه وليس هو أيضا صحيحا في كل حال.
فإذا بطل أن يكون مراده صلى الله عليه وسلم شيئا من هذه الأقسام لم يبق إلا أن يكون قصده ما كان حاصلا له من تدبير الأنام وفرض الطاعة على الخاص والعام وهذه هي رتبة الإمام وفيما ذكرناه كفاية لذوي الأفهام.