ووجه آخر
وهو أن قول النبي صلى الله عليه وسلم فمن كنت مولاه فعلي مولاه لا يخلو من حالين إما أن يكون أراد بمولى ما تقدم به التقرير من الأولى أو يكون أراد قسما غير ذلك من أحد محتملات مولى فإن أراد الأول فهو ما ذهبنا إليه واعتمدنا عليه.
وإن أراد وجها غير ما قدمه من أحد محتملات مولى فقد خاطب الناس بخطاب يحتمل خلاف مراده ولم يكشف لهم فيه عن قصده ولا في العقل دليل عليه يغني عن التصريح بمعنى ما نحال إليه وهذا لا يجيزه على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جاهل لا عقل له.
الجواب عن السؤال الرابع
وأما الحجة على أن لفظة أولى يفيد معنى الإمامة والرئاسة على الأمة فهو أنا نجد أهل اللغة لا يصفون بهذه اللفظة إلا من كان يملك تدبير ما وصف بأنه أولى به وتصريفه وينفذ فيه أمره ونهيه.
ألا تراهم يقولون إن السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعية والمولى أولى بعبده والزوج أولى بامرأته وولد الميت أولى بميراثه من جميع أقاربه وقصدهم بذلك ما ذكرناه دون غيره.
وقد أجمع المفسرون على أن المراد بقوله سبحانه (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أنه أولى بتدبيرهم والقيام بأمورهم من حيث وجبت طاعته عليهم.
وليس يشك أحد من العقلاء في أن من كان أولى بتدبير الخلق وأمرهم ونهيهم من كل أحد منهم فهو إمامهم المفترض طاعته عليهم.
ووجه أحسن
ومما يوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يوجب لأمير المؤمنين عليهم السلام بذلك منزلة الرئاسة والإمامة والتقدم على الكافة فيما يقتضيه فرض الطاعة أنه قررهم بلفظ أولى على أمر يستحقه عليهم من معناها ويستوجبه من مقتضاها.
وقد ثبت أنه يستحق في كونه أولى بالخلق من أنفسهم أنه الرئيس عليهم