يساوي بطلان خلافة الاخرين ، وبما أن الشيخ الصدوق كان يعيش تحت وطاة العباسيين فمن غير البعيد أن يبرر الشهادة بالولاية بالوضع ـ وخصوصاً مع نداء بعض المفوّضة به ـ خوفاً على نفسه وعلى المذهب لئلا يقتل الشيعة بحجة التآمر مع الدول الشيعية القائمة آنذاك ، تلك الدول المناهضة للعباسيين .
نتيجة ما تقدّم
تلخص من كلّ ما سبق : أنّ الشيخ الصدوق لا يقصد في هجومه كل من الشيعة حتّى الذين أتوا بالشهادة الثالثة بقصد القربة المطلقة ورجحانها الذاتي العامّ أو بعنوان التفسيرية ، بل عنى فقط المفوّضة الملعونين لوضعهم تلك الأخبار ، والقائلين بالجزئية تبعاً للأخبار الموضوعة ، إذ عرفت بأنّ الشهادة الثالثة كان عملاً لسيرة مجاميع ايمانية تابعة لآل البيت ، أتى بها العبيديون في مصر ، والحمدانيون في الشام ، والبويهيون في العراق ، وغيرهم في الريّ ، وقم ، وشمال العراق ، ممّا يؤكد استمرار سيرة المتشرّعة في التأذين بها إلى عهده ، وأنّهم لم يأتوا بها عن هوى ورأي ، بل لما وقفوا عليه من دليل في روايات أهل البيت عند الإمامية الاثني عشرية ، والزيدية ، والإسماعيلية ، وهذا ليس ببدعة وادخال في الدين ما ليس منه فلا سبيل إلّا أن نقول بأنّ تهجمه قد يكون جاء تقية ، للحفاظ على أرواح الشيعة آنذاك .
وبذلك فقد اتضّح لنا
أنّ الشيخ الصدوق رحمهالله لم يعني بكلامه نفي محبوبية الشهادة بالولاية ، بل كان بصدد نفي جزئيتها ردّاً على المفوّضة القائلين بها ؛ لأن قوله :
«
زادوا في الأذان »
و «
ليس ذلك من أصل الأذان »
يفهم منه أنه رحمهالله يريد أن ينفي جزئيتها المستندة على الأخبار الموضوعة ، لا محبوبيتها ، لأنّ محبوبيتها العامّة ـ
لا في خصوص الأذان ـ من المسلّمات الشرعية التي لا ينكرها الشيخ الصدوق ولا غيره من الشيعة ، بل حتى في الأذان لما جاء في حسنة ابن أبي عمير المتقدمة عن الإمام الكاظم والتي رواها الشيخ في التوحيد ومعاني الأخبار ، وللشيخ روايات كثيرة